للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعْنيها، فأراد عمر أن يزيدها في المسجد، فأبى العباس أن يبيعها إِيّاه. فقال عمر: فهَبْها لي، فأبى. فقال: فوسِّعْها أنت في المسجد، فأبى. فقال عمر: لا بدّ لك من إِحداهنّ، فأبى عليه. فقال: خذ بيني وبينك رجلاً، فأخذ أبيّ بن كعب رضي الله عنه، فاختصما إليه. فقال أبيّ لعمر: ما أرى أن تخرجه من داره حتى ترضيَه. فقال له عمر: أرأيت قضاءك هذا في كتاب الله وجدته أم سنّةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبيّ: بل سنّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: وما ذاك؟ فقال: إِني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن سليمان بن داود - عليهما الصلاة والسلام - لما بنى بيت المقدس جعل كلّما بني حائطاً أصبح منهدماً، فأوحى الله إليه أن لا تبني في حقِّ رجل حتى ترضيَه» . فتركه عمر، فوسَّعها العباس بعد ذلك في المسجد.

حديث سعيد بن المسيِّب في ذلك

وأخرج عبد الرزاق أيضاً عن سعيد بن المسيِّب قال: أراد عمر رضي الله عنه أن يأخذ دار العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فيزيدها في المسجد، فأبى العباس أن يعطيه إياه. فقال عمر: لآخذنَّها. قال: فاجعل بيني وبينك أبيّ بن كعب. قال: نعم: فأتيا أبيَّاً، فذكرا له. فقال أبيّ: أوحى الله إلى سليمان بن داود - عليهما الصلاة والسلام - أن يبني بيت المقدس، وكانت أرضاً لرجل فاشترى منه الأرض، فلما أعطاه الثمن قال: الذي أعطيتني خير أم الذي أخذت مني؟ قال: بل الذي أخذت منك. قال: فإني لا أجيز. ثم اشتراها منه بشيء أكثر من ذلك، فصنع الرجل مثل ذلك مرتين أو ثلاثاً، فاشترط عليه سليمان - عليه الصلاة والسلام - أني أبتاعها منكم على حكمك فلا تسألني أيهما خير. قال: فاشتراها منه بحكمه، فاحتكم إثني عشر ألف قنطارٍ ذهباً. فتعاظم ذلك سليمان - عليه الصلاة والسلام - أن يعطيه، فأوحى الله إليه إن كنت تعطيه من شيء هو لك فأنت أعلم، وإن كنت تعطيه من رزقنا فأعطِه حتى يرضى، ففعل. قال: وأنا أرى أن عباساً أحقُّ بداره حتى يرضَى. قال العباس:

<<  <  ج: ص:  >  >>