في أخذنه - وهو يقول: يا لَبيْكاه، يا لَبيْكاه قال الناس: ما له؟ قال: جاءه بريد من بعض أمرائه أن نَهَراً حال بينهم وبين العبور ولم يجدوا سفناً، فقال أميرهم: أطلبوا لنا رجلاً يعلم غَوْر النهر، فأُتي بشيخ فقال: إِني أخاف البرد - وذلك في البرد - فأكرهه فأدخله، فلم يُلْبِثْه البرد، فجعل ينادي: يا عُمَراه فغرق. فكتب إِليه، فأقبل، فمكث أياماً معرضاً عنه، وكان إذا وجد على أحد منهم فعل به ذلك. ثم قال: ما فعل الرجل الذي قتلته؟ قال: يا أمير المؤمنين ما تعمدت قتله، لم نجد شيئاً يُعبر فيه، وأردنا أن نعلم غَوْر الماء، ففتحنا كذا وكذا. فقال عمر: لَرَجلٌ مسلم أحبُّ إليّ من كل شيء جئت به، لولا أن تكون سنّةً لضربت عنقك، فأعطِ أهلَ ديته، واخرج فلا أراك. كذا في الكنز.
قصة أبي موسى ورجل وكتاب عمر في ذلك
وأخرج البيهقي عن جرير أنَّ رجلاً كان مع أبي موسى - رضي الله عنه - فغنموا مغنماً، فأعطاه أبو موسى نصيبه ولم يُوَفِّه، فأبى أن يأخذه إلا جميعه، فضربه أبو موسى عشرين سوطاً وحلق رأسه.f فجمع شعره وذهب به إلى عمر رضي الله عنه. فأخرج شَعَراً من جيبه فضرب به صدر عمر. قال: ما لك؟ فذكر قصته. فكتب عمر إلى أبي موسى:
«سلام عليك، أما بعد، فإن فلان بن فلان أخبرني بكذا وكذا، وإني أقسم عليك إن كنت فعلت ما فعلت في ملأ من الناس (إلا) جلست له في ملأ فاقتصَّ منك، وإِن كنت فعلت ما فعلت في خلأ فاقعد له في خلأ فليقتص منك» .
فلما دُفع إليه الكتاب قعد للقصاص. فقال الرجل: قد عفوت عنه صلى الله عليه وسلم كذا في كنز العمال.