للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إن قد وليتك حرب العراق فاحفظ وصيتي، فإنك تَقْدَم على أمر شديد كريه لا يخلِّص منه إلا الحقُّ، فعوِّد نفسك ومن معك الخير، واستفتح به، وعلم أنَّ لكل عادة عتاداً، فعتاد الخير الصبر، فالصبرَ الصبرَ على ما أصابك أو نابك، يجتمع لك خشية الله، واعلم أنَّ خشية الله تجتمع في أمرين: في طاعته واجتناب معصيته، وإنما أطاعه من أطاعه ببغض الدنيا وحب الآخرة، وعصاه من عصاه بحب الدنيا وبغض الآخرة، وللقلوب حقائق ينشئها الله إنشاءً، منها السر، ومنها العلانية. فأما العلانية فأن يكون حامدُه وذامُّه في الحق سواء، وأما السر فيُعرف بظهور الحكمة من قلبه على لسانه وبمحبة الناس، فلا تزهد في التحبُّب فإنّ النبيين قد سألوا محبّتهم، وإِنَّ الله إذا أحب عبداً حبَّبه، وإذا أبغض عبداً بغَّضه؛ فاعتبر منزلتك عند الله تعالى بمنزلتك عند الناس ممَّن يشرع معك في أمرك» .

وصية عمر بن الخطاب لعتبة بن غزوان رضي الله عنهما

أخرج ابن جرير عن عبد الملك بن عمير قال: إنَّ عمر قال لعتبة بن غزوان رضي الله عنهما إذ وجَّهه إلى البصرة:

«يا عتبة، إني قد استعملتك على أرض الهند وهي حَوْمة من حَوْمة العدو، وأرجو أن يكفيك الله ما حولها وأن يعينك عليها، وقد كتبت إلى العلاء بن الحضرمي أن يمدك بعرْفَجَةَ بن هَرْثَمة وهو ذو مجاهدة العدو ومكايدته؛ فإذا قدم عليك فاستشره وقرِّبه، وادعُ إِلى الله، فمن أجابك فاقبل منه، ومن أبَى فالجزية عن صَغار وذلَّة، وإلا فالسيف في غير هوادة. واتق الله فيما وُلِّيت، وإياك أن تنازعك نفسك إلى كِبْر يفسد عليك آخرتك، وقد صحبتَ رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>