التاسع والعشرون: إن الألوهية هي عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بكل ما يعارض هذا المعنى، وقد قام على هذا المفهوم الكتاب والسنة والعقل الصحيح ولغة العرب، وإن ما ادعاه المتكلمون من أن معناها القدرة على اختراع باطل وله لوازم فاسدة تدل على بطلانه، ومن أهمها: تجويز عبادة القبور والأوثان والكواكب، لأنه –بمفهوم للألوهية- أخرجوا هذا المعنى عن مدلولها.
الثلاثون: إن قوله سبحانه: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} [الأنبياء:٢٢]، وهو دليل على التمانع في الألوهية، وإن ما ادعاه المتكلمون من أنها في التمانع في الربوبية باطل فاسد.
الحادي والثلاثون: أن توحيد الألوهية أهم أنواع التوحيد وأعظمها، وهو الذي بعث الله الرسل به.
الثاني والثلاثون: أن ابن تيمية سلفي العقيدة سليم المعتقد، وأن ما ذكر من دعوى موجهة إليه هي دعوى عارية عن الصحة، وقد أوضحت أسباب هذه الدعاوى.
الثالث والثلاثون: أن الشبه الموجهة لمذهب السلف كلها شبه باطلة، لا حظ لها من الصحة.
الرابع والثلاثون: تناقض المتكلمين في اعتقادهم في باب الأسماء والصفات، وعدم سلامة أدلة النفي عندهم، وأن كل واحد منهم ملزم لمخالفه بمذهب، وسلامة مذهب السلف من ذلك كله، لأنه جمع الحق الذي اعتقدته كل طائفة، ورد الباطل الذي عند كل طائفة.
الخامس والثلاثون: أن مذهب السلف هو تفويض في الكيفية مع علم بمعاني الأسماء والصفات، وأنه ليس مذهب التفويض المطلق كما ادعاه من ادعاه من المتكلمين.
السادس والثلاثون: أن مذهب السلف هو أولى بالإثبات لأنه المعبر عن العقيدة الإسلامية في نقائها وصفاتها، وأما المتكلمون فقد تأثروا بكثير مما نقل عن طريق الترجمة عن الأمم الأخرى.
السابع والثلاثون: حرمة استعمال الألفاظ المجملة، وأنه لا يحكم على معناها بنفي أو إثبات حتى يظهر المراد منها، فيعرف إن كان حق أقر، وإن كان باطلا رد.
الثامن والثلاثون: صحة طريقة ابن تيمية في الاستدلال على توحيد الأسماء والصفات.
التاسع والثلاثون: أن الاتفاق بين صفات الخالق والمخلوق هو اتفاق في المسمى المطلق، ويسمى المطلق بشرط الإطلاق، وهو موجود في الأذهان لما فيما خرج عنها من الأعيان، ولا يلزم منه إثباته التمثيل الذي نفته الأدلة من الكتاب والسنة، وأن التشبيه الذي نفته الأدلة هو التشابه فيما يجوز ويجب ويمتنع، أي: التشابه في الخصائص.
الأربعون: أن نفي التشبيه والتجسيم ليس طريقة صحيحة في النفي والإثبات، وكذا نفي النقص، وأن الطريق الصحيح هو نفي ما يضاد كمال الله تعالى الثابت في الكتاب والسنة، أو ما نفته الأدلة عنه تعالى كالسنة والنوم، وإن كانت كمالا في غيره.
الحادي والأربعون: أنه لا يستدل في حقه تعالى بالنفي إلا تضمن إثبات ضده من الكمال اللائق بجلال الله وعظمته.
الثاني والأربعون: سلامة مسلك ابن تيمية في آيات الصفات وأحاديثها.
الثالث والأربعون: أن صفات الله وأسمائه ليست من المتشابه، بل يعلم معناها من حيث تعلم مدلولات لغة العرب، وأما كيفياتها فلا يعلمها إلا الله.
الرابع والأربعون: صحة مسلك ابن تيمية حول نقض التأويل الكلامي وبيانه لما يترتب عليه من المفاسد.
الخامس والأربعون: أن لوازم المذاهب ليست مذاهبا، وإن كانت دالة على فساد المذهب الملزوم لها.
السادس والأربعون: سلامة ساحة ابن تيمية من التهم الموجهة إليه.
وبناء على ما تقدم فإني أقترح الأمور التالية:
أولا: إقامة مؤتمر للتعريف بفكر الإمام ابن تيمية، وأولى من يتبنى ذلك هو جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، لأنها ثمرة دعوة المجدد محمد بن عبد الوهاب، والذي استقى كثيرا من أفكار دعوته من شيخ الإسلام ابن تيمية، لا سيما ما يتعلق بالعقيدة.
ثانيا: أن تستغني كثير من الأكاديميات العلمية في كثير من أقطار العالم الإسلامي عن دراسة كتب المتكلمين إلا على طريقة النقد والمقارنة، وأن تدرس العقيدة الإسلامية من خلال الكتاب والسنة، وأن توزن جميع الآراء بهما.
ثالثا: أن تهتم الأقسام العلمية في جامعات العالم الإسلامي بتدريس كتب ابن تيمية، حتى يتسنى لهم الاستفادة منها، والانتفاع بها، لا سيما في الدراسات العليا.
رابعا: أن يتجرد الدارسون لأفكار العلماء عن كل مؤثر يوجه دراستهم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وأن يكون منطلقهم من خلال الدليل الشرعي حتى يكون حكمهم صائبا صحيحا غير مبني على التقليد، وأن لا يحكم على الشخص إلا بعد دراسة متأنية لفكره وعقيدته.
خامسا: أن نهتم في تدريسنا لكتب العقيدة بفك المصطلح العقدي، وتحليل الألفاظ العقدية، وذكر لأسباب الدعوى، لأن ذلك مما يعين على إظهار الحق ووضوح الفكرة المقررة.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.