١٥ – بيان موقف أهل السنة من مناكحة أهل البدع: وأن حكم مناكحة المحكوم بكفرهم من أهل البدع محرم على الإطلاق لكفرهم وارتدادهم عن الدين، فلا يجوز التزوج منهم ولا تزويجهم باجماع أهل السنة، وأما إن كان المبتدع غير كافلا فلا يزوج السنية لأنه غير كفء لها لكن يصح تزويجه منها مع الكراهة بموافقة المرأة وأوليائها، لأن الكفاءة حق لهما ويجوز لهما إسقاطه، وأما زواج الرجل من أهل السنة بالمرأة المبتدعة التي لم تبلغ ببدعتها حد الكفر فصحيح لأن الكفاءة إنما تشترط في جانب الرجل بأن يكون كفؤاً للمرأة لا العكس، لكن زواجه من المبتدعة هنا مكروه للمفاسد المترتبة على ذلك الزواج.
١٦ – بيان موقف أهل السنة من حكم أكل ذبائح أهل البدع: وأن الحكم في المسألة يختلف بحال المبتدع من حيث كفره ببدعته من عدمه، فإن كان كافراً فلا تؤكل ذبيحته. لدلالة النصوص وأقوال أهل العلم على تحريم ذبائح الكفرة والمشركين من غير أهل الكتاب.
وأما إن كان المبتدع غير كافر ببدعته فذبيحته حلال للإجماع على حل ذبائح المسلمين، أما كونه مبتدعاً فلا تأثير له على حل ذبيحته ما دام مسلماً.
١٧ - بيان موقف أهل السنة من عبادة أهل البدع: وأن المبتدع الكافر ببدعته لا تشرع عبادته إلا إذا غلب على الظن تحقق مصلحة من ورائها كاستجابة المبتدع إلى الدعوة إلى السنة، وتوبته من البدعة، أو تحقق بها أمر مشروع كصلة رحم، أو إحسان إلى جار، وأما إن كان المبتدع لم يبلغ ببدعته حد الكفر وهو مسلم فعيادته جائزة، بل عيادته من جملة حقوقه على المسلمين، غير أنه إن كان داعية لبدعته، فتترك عيادته من باب الهجر والعقوبة له لا لأن عيادته غير جائزة.
١٨ – بيان موقف أهل السنة من شهود جنائز أهل البدع: وأن المبتدع إن كان كافراً ببدعته فلا تجوز الصلاة عليه لعموم النهي عن الصلاة على الكفار والمنافقين والاستغفار لهم. وإن كان المبتدع غير كافر فالصلاة عليه جائزة بل مشروعة، لكن إن كان المبتدع داعية فيشرع ترك الصلاة عليه وذلك مقيد بثلاثة شروط:
أ - أن يقصد بترك الصلاة عليه الزجر والتأديب لغيره عن مثل فعله لا أن الصلاة عليه غير جائزة.
ب – أن يغلب على الظن تحقق تلك المصلحة وهي الانزجار عن مثل فعل الميت وإلا لم يكن ترك الصلاة عليه مشروعاً.
ج – أن يوجد من المسلمين من يصلي على ذلك الميت، فإنه لا يجوز أن يجتمع المسلمون على ترك الصلاة على مسلم، وإن كان مبتدعاً بل لا بد من الصلاة عليه ودفنه.
١٩ – بيان موقف أهل السنة من توريث أهل البدع وإرثهم: وأن المبتدع الكافر ببدعته لا يرث أحداً من المسلمين، ولا يرثه منهم أحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) وهذا إن كان المبتدع الكافر مظهراً للكفر معلناً له، أما إن كان مستتراً عليه، مظهراً للإسلام كفعل بعض أهل البدع الذين يخفون معتقداتهم ويلتزمون في الظاهر بعقيدة المسلمين فهؤلاء يحكم لهم بحكم أهل الإسلام، فيرثون أقرباءهم، ويرثهم أقرباؤهم، كما جرى عليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع المنافقين، فإنهم كانوا يجرون عليهم أحكام الإسلام في الدنيا من الموارثة وغيرها ما لم يظهروا الكفر والنفاق.
٢٠ – بيان موقف أهل السنة من بغض أهل البدع وإظهار عداوتهم: وأن من أصول أهل السنة بغض أهل البدع ومعاداتهم في الله، لخروجهم عن السنة وابتداعهم في الدين، وأنه ينبغي أن يظهر ذلك البغض وتلك العداوة على الجوارح من التصريح ببغضهم، ومعاملتهم بالغلظة والشدة، وقطع معونتهم والسعي في إبطال مقاصدهم أحياناً، وغير ذلك من الأساليب المظهرة للبغض والعداوة لهم.