وبعد أن عشت مع هذا البحث فترة ليست بالقصيرة ظهر لي أن هناك جانباً مهماً لم يعط حقه من الدراسة ألا وهو تنقية عقائد أئمة الفقه الأربعة مما علق بها من آراء مذهبية كلامية وتأويلات جهمية، ولهذا فإني أقترح على الدوائر العلمية الإسلامية ما يلي:
أولاً: تشجيع الدارسين والباحثين على الكتابة في عقائد الأئمة الفقهاء الأربعة وأصحابهم الأوائل مع كشف ما أدخل عليهم وما علق بهم من آراء المبتدعة وتأويلاتهم.
ثانياً: أن تكون دراسة العقيدة من مصدرها الأول الكتاب والسنة بعيداً عن تعقيدات المتكلمين والفلاسفة وجدلهم العقيم، ولا نخضع تلك الأدلة لتفسيرات المتكلمين وطريقتهم في الجدل.
ثالثاً: تشجيع اتجاه دراسة عقائد أتباع أئمة الفقه الأربعة ثم مقارنتها بعقيدة الأئمة لإظهار الفرق بينها مع بيان قربها أو بعدها من الكتاب والسنة فطالما يتساءل الإنسان هل أتباع الأئمة الأربعة متبعون لهم في الاعتقاد؟ أم هم مخالفون لهم؟ وهل تتفق عقائده مع ما جاء به التنزيل وما فطر الله عليه العباد أم لا؟
أم هم اعتنقوا أصول مذاهب مختلفة نتج عنها ميراث الخلاف المذهبي الذي يعيش فيه المسلمون اليوم بما له من آثار سيئة على الأمة والمجتمع الإسلامي؟
رابعاً: العمل على إثراء عقيدة السلف بتدوين تاريخ العقيدة السلفية إذ الحاجة ماسة إلى هذا، وأن تكون تلك الدراسة من مصادرها الأصلية وتنقيتها من الدخيل مع إعادة تقييم السلف على أنهم الأسلم والأحكم والأعلم.
وفي الختام فهذا جهد المقل، فقوى الإنسان محدودة قاصرة، فلابد من خلل وهفوة، فإن التقصير وكثرة العيوب من صفات المخلوقين. وقد قيل: من صنف فقد استهدف، فرجائي من القارئ الكريم التماس العذر لكل نقص وهفوة في هذا البحث وبذل النصيحة خالية من الفضيحة، والله أسأل، أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا جميعاً لهدي كتابه، والسير على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.