وهو كتابٌ ليس له مثيلٌ، ولم ينسُج أحدٌ على منواله، ويقع في نحو خمسمائة لوحة مخطوطة.
وغيرها من مؤلفاته الكثيرة، والتي كان منها رسائل فريدة في بابها.
وكان من أبرز ما يطالعه القارئ في هذه الترجمة، تلك الدراسة الفقهية المفصَّلة، التي تمَّت على كتاب طوالع الأنوار، مع مقارنته بالشروح المطبوعة للدر المختار، لإبراز ميزة كلِّ منها.
ومن خلالها أيضاً وقفنا على جَمْعِ من الأعمال العلمية التي قامت على كتاب الدر المختار، من شروح وحواشي وتعليقات، والتي بلغت خمسة وعشرين عملاً، مع بيان مؤلفيها، وأماكن وجودها، وحجمها ونحو ذلك، مما لم يُجمع في غير هذا المكان.
وعرفنا أيضاً المنهج الفقهي للشيخ محمد عابد، وسعة صدره في مسائل الخلاف، فهو حنفيٌّ مقلد لمذهب السادة الحنفية، مع اهتمامه الشديد بالأدلة، ولكنه إذا ما بَدَت له قوة أدلة مذهب آخر في مسألةٍ معينةٍ، تراه يرجّح الدليل، مع كل أدب واحترام لرأي غيره.
وهكذا أهدت إلينا هذه الدراسة عند ذكر شيح الشيخ محمد عابد لمسند الإمام أبي حنيفة، ومسند الإمام الشافعي، ما قام به من تحقيقات نادرة فيها، مع التعرّف على بقية شروح كلٍ من المُسندين، ومزية كل منها، مع مقارنة نصٍّ من شرحه لمسند الإمام أبي حنيفة مع شروح أخرى.
هذا، وأنا على يقين تام، أنه لو تهيأت الأسباب والظروف أكثر من هذا لدراسة مؤلفات هذا الإمام العظيم دراسةً وافيةً متأنيةً، وبعمق ودقة، لظهر لنا من العلوم والمنح والمواهب عنده أكثر بكثيرٍ مما وقفنا عليه مما لا يمكن إبرازه بهذه الدراسة العَجِلة، والحمد لله على كل حال.
وأسأله سبحانه المزيد من فضله العظيم، والإخلاص والتوفيق في أعمالي كلها، مع العفو العافية، والقبول والسداد والتيسير، إنه بَرٌّ رحيمٌ جوادٌ كريمٌ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، والحمد لله رب العالمين.