ب- شك ناتج عن مزيد الإتقان والورع وزيادة الاطمئنان على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا الصنف من الرواة يريد أداء الحديث بألفاظه كما سمعه تماماً، فيراعي التقديم والتأخير، ويراعي الحرف والكلمة، ويراعي ألفاظ التحمل بدقة، حتى اللحن يرويه – بعضهم – كما سمعه -.
وأطلت في بيان الشك لأني لم أر من حرر الفرق بين نوعي الشك عند المحدثين، وخشية من عدم ملاحظة الفرق عند النظر في تراجم الرواة مما قد يوقع الباحث في لبس، وقلت هناك: لو أطلق على شك المتقنين (الشك الاطمئناني)، أو (الشك التحرزي) لكان ذلك أدق.
٧ - أن مدرسة القصر غلبت على الرواة البصريين، والذي ظهر لي أن سبب ذلك أمران:
أ- تأثير محمد بن سيرين على المدرسة البصرية، ومن المعلوم أن محمد بن سيرين من أشهر علماء البصرة في زمانه، وكذلك من أشهر من يقصر الأسانيد.
ب- أن المدرسة البصرية من حيث ضبط الحديث والعناية به أقوى من بقية المدارس في العراق والشام ومصر.
٨ - أن ترجيح الرفع عن هؤلاء الرواة عند الاختلاف ليس قاعدة مطردة، بل قرينة يستفاد منها عند التساوي ولذا رجح النقاد الوقف والإرسال في بعض الاختلافات عن هؤلاء الرواة.
التوصيات:
هذه بعض التوصيات التي لمست أهميتها أثناء كتابة البحث فمن ذلك:
١ - ضرورة العناية بعلم علل الحديث بالنسبة للمشتغلين بالحديث وعلومه، فقد بان لي أن أغلب الخلل الواقع في كلام المعاصرين على الأحاديث نتيجة للقصور في علم العلل وعدم التفطن لدقائقه.
٢ - أهمية العناية بصفات الرواة كقصر الأسانيد، أو اختصار المتون، أو الإدارج فيها، أو التصحيف في الألفاظ أو الأسماء ونحو ذلك مما له أثر كبير في الترجيح والجمع والإعلال في علم (علل الحديث).
٣ - الاهتمام بطبع الكتب المخطوطة خاصة كتب علل الحديث.
٤ - ضرورة العناية بتصحيح بعض الكتب المطبوعة، والتأكد من سلامة النص.
٥ - أهمية الرجوع إلى مخطوطات الكتب المطبوعة عند الاشتباه والشك في سلامة النص والحذر من مخرجي ومعلقي الكتب الذين يتصرفون بنص الكتاب زيادة ونقصاً، تقديماً وتأخيراً، تصويباً وتعديلاً.