١ـ صحة السند.
٢ـ موافقة العربية ولو بوجه.
٣ـ موافقة خط المصحف العثماني ولو تقديراً.
وقد بينا أن القراءات المقبولة أكثر من سبعة حتماً، وعلى الرغم من شيوع فكرة تواتر السبعة وحدها لدى عامة الناس، فإن التحقيق يُثبت أن القراءات العشر متواترة.
والقراءات المتواترة إنما تواترت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لا إلى أئمة القراءة فحسب. وليس هناك مجال للاجتهاد في القراءة بل هي توقيفية. وهذا نقيض ما افتراه "تسهر" وتابعته عليه طالبة الماجستير. إذ القراءات من الأحرف، والحروف توفيقية. وسيرة العلماء والسلف الصالح وتوقفهم في قبول القراءة على قوة إسنادها أكبر دليل على ذلك، بالإضافة إلى الأدلة الكثيرة السابق سردها.
الحادي عشر: لقد تلقى القرآن بأحرفه السبعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع من الصحابة وتلقاه عنهم جمع غفير من التابعين، وهكذا إلى عصرنا هذا. ولقد اشتهر كثيرون من الصحابة بإقراء القرآن، منهم: أُبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن مسعود .. إلخ.
واشتهر من التابعين سعيدُ بن المسيب، وعروةُ، وسالم، وعطاء وسليمان ابنا يسار .. إلخ. وأناس كثيرون في كل بلدة من بلاد الإسلام. واشتهر بعد ذلك قراء كثيرون منهم السبعة وباقي العشرة، وغيرهم. وقد لقيَ بعضُ السبعة الصحابة والتابعين، مثل ابن عامر وابن كثير وعاصم .. إلخ.
وهذا كله ساعد على نقل القرآن بقراءاته إلينا متواتراً.
الثاني عشر: لم يقل أحدٌ من العلماء أن الأحرف السبعة هي القراءات السبع المنسوبة إلى ابن عامر وابن كثير .. إلخ. إنما كان ذلك وهماً توهمته العامة من عدد السبعة الموجود في كل من القراءات السبع والأحرف. وليست القراءاتُ السبع إلا بعضَ ما تواتر واشتهر من الأحرف. لأن الأحرف السبعةَ لما نقلها الصحابة إلى من بعدهم تداخلت في بعضها، حتى غدا القارئ المتلقي عن عدد من الصحابة يقرأ بقليل من حرف هذا وبعض من حرف ذاك .. فتعددت القراءات المتلقاة عنهم، لكن جميعها لا يخرج عن الأحرف السبعة.
والحكم الاجتهادي العام هو أن الأحرف أعم من جميع القراءات الثابتة عموماً مطلقاً وأن القراءات أخص منها، فالنسبة بينهما العموم أو الخصوص المطلق. والله أعلم.
مقترحات تتصل بالموضوع:
لما كان القرآن الكريم المعجزة الخالدة وكتاب الهداية الإلهية، فقد وجب على المسلمين أن يبذلوا كل ما في وسعهم للحفاظ عليه، وتقوية الصلة به والاستزادة من الثقة فيه. فبذلك يعزهم الله كما أعز آباءَهم، وبتركه ينخذلون ويتفرقون. فمن الواجب على الأمة الإسلامية التماسك والوسائل الكفيلة بذلك. ونحن نقترح بهذا الصدد ما يلي:
أولاً: يجب على المسلمين أن يلقنوا أولادهم القرآن، وأن يُعوِّدوهُم العناية به. لأنه المصدر الإسلامي الأول، الذي به تعرف الشريعة الإلهية الخالدة. ويجب على الناشئة من أبناء المسلمين أن يتلقوا القرآن من أفواه القُراء، وأن يقرءوا عليهم ما تلقنوه ـ على النحو الذي حصل في معارضة القرآن بين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين ملك الوحي جبريل عليه السلام. فإنْ لم يكن ذلك فلا أقل من تتبع القارئ في المصحف أثناء الاستماع إلى التلاوة في المذياع ـ لأن القراءة بالمصاحف حسبما يُعرف من الخط، وبدون تلقٍ من قارئ، غير جائزة، لا فتراق الخط المتداول عن خط المصاحف العثمانية. ولأن القراءة طريقة مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتقيُّد بها واجب شرعاً.
بل يجب الحرص على وجود فئة من كل جيل تحفظ القرآن بقراءاته غيباً، تلقياً عمن قبلهم من القراء، لتتصل سلسلة التواتر في حفظ القرآن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.