إن الدين يقوم على القناعة الكاملة، والله تعالى أعلم حين قال: {لا إكراه في الدين} ولو علم أن الإكراه ينفع لم يمنعه، بل لأباحه.
فعلى الشباب أن يستوعب ذلك جيدا ولا يعيد لنا سيرة " الخوارج" مرة ثانية،
فالتجربة الأولى مرة كمرارة " الحنظل" أو أشد، وحرام أن نعيد تجارب فاشلة، وقد قال الشاعر ابن دريد:
من لم تعظه عبرا أيامه كان العمى أولى به من الهدى
من قاس ما لم يره بما رأى أعجزه نيل الدنى بله القصى
إن أمتنا تعاني من أمراض كثيرة، كثيرة تطاول عليها الزمن، فأفرزت أمراضا جديدة، فلا نضيف أمراضا أخرى، ومصائب جديدة.
لن ينفع الأمة أن يتحول شباب، في عمر الزهور إلى قضاة، يحكمون لهذا بالإسلام، ولذلك بالكفر، ليس هذا عملهم ولا ميدانهم. المطلوب من شباب الأمة أن يحمل هموما، ويعمل على الدفاع عنها، ومحاربة الفساد فيها، وليس أن يتحول إلى مجرد قضاة، يحكمون بإسلام فلان وكفر فلان.
قد يقول البعض: ومن للفساد والحكام الفاسدين المفسدين؟!
فأقول: فساد الحاكم ونفاق المنافقين لا يفلة ولا يقتله " التكفير" بل العمل الجاد الواعي، الذي يعرف قوانين " اللعبة" ويجيد قواعد التغيير والتحالف، ويعمل على جمع الأمة حوله، والعمل بدأب وعدم استعجال.
أقول هذا وأنا أعلم جيدا أن الحاكم الفاسد يشد أزره طبقة من المثقفين المنافقين، وتأتيه
النصائح والخبرات من وراء البحر، كما يأتيه الدعم من هناك وكم من حاكم في البلاد
العربية والإفريقية والآسيوية، ليس له من مقومات الحكم قليل أو كثير، لكنه باق بفضل الملايين التي تدفع له ولحكومته، والنصائح الغالية والخبرات العالية التي تقدم له.
لقد صار من قوانين عالم اليوم: " اخدم اليهود، وامدح إسرائيل، وتحالف مع أمريكا، وسب واشتم الإرهاب يوميا، والمطالبين بتطبيق الإسلام، ثم افعل ما شئت فأنت باق" هذه قوانين عالم اليوم ـ ولو في نظري المتواضع ـ فهل يستوعب ذلك الشباب أم يخترعون واقعا، ويرسمون حلولا، فتكون كمن يعالج " الإيدز" بحبة "بنادول"؟!!!!