للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ولا يحسن بل وليس من الحكمة أن يدعي المسلم أنه في مأمن من الأخطاء والأهواء كيف لا؟! والنبي صلى الله عليه وسلم المعصوم كان يقول: ((يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك)) [أخرجه الإمام أحمد بألفاظ مقاربة ٣/ ١١٢، ٢٥٧ وغيرها والترمذي في كتاب القدر حديث رقم (٢٢٩٠) وحسنه وابن ماجه في الدعاء حديث رقم (٣٨٣٤) وصححه العلامة الألباني - صحيح الجامع الصغير (٧٩٨٧)] إذا كان الأمر كذلك فمن ذا الذي سيدّعي العصمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل، يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك. أما ما تمكنت من استقرائه من نزعات وظواهر وسمات متفرقة يلزم التنبيه عليها والتحذير من الوقوع بها خشية الوقوع بالأهواء، فأمثل لها بما يلي:

١ - تصدر حدثاء الأسنان، وسفهاء الأحلام – أحيانا- لأمور الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بلا علم ولا فقه ولا تجربة، ولا رجوع إلى العلماء وأهل الفقه والتجربة.

٢ - هيمنة نزعة الخروج على أذهان بعض الناس، وكثرة الثرثرة بها وإطلاق الأحكام فيها، في حيث إنهم ليسوا من أهل الحل والعقد، ولا من الراسخين في العلم الذين يعنيهم الأمر شرعا.

٣ - شيوع ظاهرة التكفير والتبديع بلا ضوابط شرعية، ولا فقه، ولا تثبت بما في ذلك الأحكام على الأشخاص والجماعات والهيئات والأنظمة وغيرها والتكفير باللوازم.

٤ - التسرع في إصدار الأحكام والمواقف بمجرد الشائعات، والقرائن والظنون، أو اللوازم، وأغلب ما يحدث بين أبناء الأمة الآن من نزاعات وخصومات هو من هذا الباب.

٥ - البراء من المخالفين في الاجتهاديات التي يسوغ فيها الخلاف ويعذر فيها المخالف، وأكثر النزاعات الجارية اليوم بين بعض فئات المسلمين ومنسوبي الدعوات من أهل السنة من هذا النوع.

٦ - الحكم على القلوب، واتهام النيات، وتصيد الزلات، وغمط المخالفين حقهم، أو جحد الحق الذي معهم.

٧ - كثرة الخصومات والجدل والمراء في الدين، مع قلة العمل الإيجابي المثمر، مع التعالم والتعالي والغرور واحتقار الآخرين من العلماء ومن دونهم.

٨ - الخطأ والجهل في منهج الاستدلال؛ ومنه الاستدلال بالنصوص على غير ما تدل عليه وعلى غير القواعد الشرعية، وإنزال النصوص على غير ما تدل عليه، والجهل بفهم السلف وتفسيرهم للأدلة، وعدم مراعاة الاستدلال من حيث: العموم والخصوص، أو الإطلاق والتقييد والنسخ ونحو ذلك، وعدم اعتبار قواعد المصالح والمفاسد ونحو ذلك.

٩ - الجهل بالعلوم الشرعية وقلة الفقه في الدين، والتقصير في طلب العلم الشرعي.

١٠ - أخذ العلم الشرعي على غير أصوله الشرعية، وبغير نهج سليم.

١١ - أخذ العلم عن غير العلماء، وتلقيه عن الصغار والمثقفين والمفكرين، الذين هم في العلم الشرعي من فصيلة العوام.

١٢ - فرض الرأي والموقف على الآخرين، ومصادرة الرأي المخالف، ومحاصرته بكل وسيلة، إلى حد استباحة الوسائل غير الشرعية لمنع الرأي الآخر. مع العلم أن أكثر الأمور التي يدور عليها الخلاف بين أهل السنة هي من الاجتهاديات. كما أن من هذا الصنف من لا يطيق سماع الرأي المخالف وإن كان مما يجوز فيه الخلاف، حتى ولو قامت الحجة واستبان الدليل.

١٣ - سوء الأدب مع العلماء والمشايخ وطلاب العلم الشرعي ويتمثل ذلك: بلمزهم واستنقاصهم أحيانا، وبإشاعة ما يسيء إليهم وينقص اعتبارهم عند الآخرين، ويشحن قلوب الناس، والشباب والعوام عليهم، والجرأة على الطعن فيهم والتشهير بهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>