ثم بعد ذلك عرَّفت: " الواجب الموسَّع " بأنه: الفعل الذي طلب الشارع من المكلف إيقاعه وأداءه في وقت يسعه ويسع غيره من جنسه طلباً جازماً "، وقد شرحته وبينت محترزاته، ووازنت بينه " أعني الواجب الموسع " وبين غيره من الواجبات كالواجب المضيق، والواجب المخير, والواجب المعين، والواجب الكفائي، والواجب العيني، والواجب المحدد، والواجب غير المحدد، وذكرت في هذه الموازنة تعريف كل واحد من تلك الواجبات، مع التمثيل له وذلك ليتصور القارئ الكريم كل واحد منها حتى يكون الواجب الموسع جلياً واضحاً لديه، وبينت في ذلك أن الواجب الموسع يشترك مع بعض الواجبات في أمور، ويختلف عنها في أمور أخرى.
أما الفصل الثالث: فقد تكلمت فيه عن " إثبات الواجب الموسع " فذكرت فيه: أن جمهور العلماء من فقهاء وأصوليين قد أثبتوه وأن أكثر الحنفية مع الجمهور في ذلك، بعكس ما كان ينقله بعض الأصوليين من أن أكثر الحنفية أو كلهم ينكرون الواجب الموسع.
ثم بعد ذلك ذكرت أدلة المثبتين له بالتفصيل، مجيباً عن الاعتراضات التي وجهت إلى كل دليل.
ثم ذكرت أن المثبتين للواجب الموسع قد اختلفوا فيما إذا ترك المكلف الفعل في أول الوقت وأراد فعله في آخر الوقت هل يشترط العزم أو لا؟ على مذهبين: -
فذكرت المذهب الأول، وهو عدم اشتراط العزم، مبيناً في ذلك المراد من عدم اشتراط العزم، والقائلين به، وأدلتهم على ذلك، مع مناقشتها.
ثم ذكرت المذهب الثاني، وهو: اشتراط العزم، مبيناً في ذلك المراد من اشتراط العزم، وذاكراً القائلين به، وأدلتهم على ذلك الاشتراط مجيباً عن كل اعتراض وجه إلى أي دليل من أدلتهم.
ثم ذكرت مذهباً أورده الزركشي في " البحر المحيط " زاعماً أن الغزالي اختاره طريقة وسطى بين المشترطين للعزم والنافين له، وقررت – هناك – أن هذا المذهب لا يُسلَّم من وجوه ذكرتها هناك ومنها: أنه على فرض أن الغزالي قال مثل ذلك فإنه – بعد التحقيق – يرجع إلى مذهب القائلين باشتراط العزم ووجوبه.
ثم رجَّحت القول باشتراط العزم وذكرت أدلة لهذا الترجيح، ثم قررت أن الخلاف في اشتراط العزم وعدمه خلاف لفظي لا ثمرة له في الفروع الفقهية.
ثم بعد ذلك سردت عدداً من أقوال بعض الأصوليين الذين لم يشترطوا العزم لتزييف وإبطال مذهب المشترطين للعزم، فقمت بالرد على كل قول ومناقشته.
حتى أن بعض الأصوليين اتهموا القاضي أبا بكر الباقلاني بالخروج عن الحق حيث اشترط العزم, فناقشت كل قول على حده.
ثم بينت أن المشترطين للعزم اختلفوا في هذا البدل – وهو العزم – هل هو بدل عن نفس الفعل، أو هو بدل عن تقديم الفعل، وقلت هناك: إن الصواب: أنه بدل عن تقديم الفعل لا عن أصل الفعل.
كذلك ذكرت أن المشترطين للعزم اختلفوا فيه هل هو من فعل الله – تعالى – أو هو من فعلنا؟ وهل هو على الفور أو على التراخي؟
ثم حققت القول في كل حالة من حالات تأخير الفعل إلى آخر الوقت، وبينت حكم كل حالة، مبيناً المذاهب في ذلك.
وقررت – بعد ذلك – أن الصلاة لا تُقْضَى عن المكلف لو مات قبل انتهاء وقت الواجب الموسع بالأدلة.
ثم تكلمت عن مسألة: المكلف إذا عاش مع ظنه أنه لا يعيش وهو لم يفعل الواجب – في أول الوقت – وفعله في آخر الوقت فهل فعله هذا أداءَ أو قضاءً؟
فذكرت – هناك – أن العلماء اختلفوا في ذلك على مذهبين، ورجَّحت القول بأنه أداءً، لوقوع الفعل في وقته المحدد له شرعاً وهذا هو تعريف الأداء.
ثم بينت أن الواجب الموسع قسمان: " ما له غاية معلومة كالصلاة " و " ما ليس له غاية معلومة كالحج وقضاء العبادات الفائتة " وفصَّلت القول في كل قسم، مبيناً – في ذلك – متى يتضيق كل قسم، ومتى يعصي المكلف فيه مع ذكر أقوال العلماء في ذلك؟