٩ - من عقائد الطرقية المهمة: الشرك الأكبر في أنواع التوحيد كلها، والقول بوحدة الوجود. هذا المذهب عند البراهمة في الهند، والرواقية اليونانية والأفلوطونية الحديثة، كما ظهر في صورة جديدة كوحدة الوجود الاسبينوزية، ووحدة الوجود المثالية، وتقوم هذه النظرية على أن الكائنات هي عين وجود الله تعالى ليس وجودها غيره، ولا شيء سواه البتة، وينبني على وحدة الوجود وحدة الأديان، وأن الكل يعبدون الله الواحد المتجلي في صور كل المعبودات، قد كان أئمة الصوفية يردون ما هو دونه، فمن مواقف الجنيد المشهورة: رده على الحلولية؛ فإنه لما وقع طائفة من الصوفية في القول بحلول الله تعالى بذاته في قلوب العارفين، حذر الجنيد من هذا فقال: التوحيد هو: (إفراد القديم عن الحديث)، فبين أنه لابد للموحد من التمييز بين القديم الخالق والمحدث المخلوق، فلا يختلط أحدهما بالآخر.
١٠ - ومن عقائدهم: استمرار تلقي الوحي من الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه وسلم، وزعم بعضهم أنه يأخذ علمه من ربه عز وجل أي وقت شاء بلا حظ ولا درس، فيزعمون أن كتبهم المخالفة للنقل وكلِّ العقول من الوحي، وأنها إما بأمر إلهي، أو بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وإملائه! بل ادعى ابن عربي أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، وأن الأنبياء جميعهم إنما يستمدون معرفة الله من مشكاة خاتم الأولياء.
١١ - أهم مصادر الصوفية: (قوت القلوب) لأبي طالب المكي، و (إحياء علوم الدين) لأبي حامد الغزالي، والثاني منقول بحروفه من الأول، وأكبر مصدر لما كتب المحاسبي الذي حذر منه السلف، وكان الصوفية على مذهب السلف في الصفات في الجملة، حتى أدخل الحارث نفي الصفات إليهم، لذا نسبه الإمام أحمد إلى قول جهم، وهذا من دقة فهوم السلف، فعند المحاسبي اللقاء الأول للكلام والتصوف، فمن ثم السالمية الصوفية ثم عند الأشعرية اشتد الارتباط بين التصوف والكلام.
والغزالي نقل – أو يكاد – قوت القلوب بنصه في كتاب الإحياء وليس له في كثير من المواطن إلا البسط والمزيد من التنظيم والتقسيم، وقد رد على الغزالي جمع من أهل العلم، أفرد بعضهم رده في مؤلف، وأبو طالب مات مهجوراً، وكذلك المحاسبي، مما يدل على شدة السلف على هذه البدع.
١٢ - ليس كل الصوفية وقع في هذه الآثار؛ بل علماء الصوفية وشيوخهم الكبار كالجنيد بن محمد وسهل التستري ومن وافقهما من أشد الناس تحذيراً من هذه الآثار، لذا ينبغي جمع أقوال أئمة الصوفية - كالجنيد ومن وافقه - في نقد آثار التصوف المنحرف - وهي كثيرة - ونشرها، وبيان المكذوب عليهم.
١٣ - ذكر هذه الآثار للطرق الصوفية المعاصرة ليس للتشفي؛ بل هو دعوة لاتباعها للتحرر من العبودية للبشر، ومتابعة المعصوم صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسلف الأمة، بل وسلف الصوفية الأول الجنيد وسهل وأمثالهما، ودعوة للعودة للكتاب والسنة، وترك ما خالفهما.
١٤ - ضعف آثار الرسالة عند متأخريهم أبرز آثاراً سيئة على الإٍسلام والمسلمين، مثل وقوعهم في الشرك الأكبر، والشرك أعظم الذنوب؛ بل حصل منهم الشرك في الربوبية، حتى وصف بعضهم شيخه بأنه الفرد الواحد الكبير! سبحانه وتعالى عما يقولون، كما انحرفت الطرق في شرك الألوهية انحرافاً عظيماً، ونشروه في الأمة الإسلامية، وحدث منهم الشرك الأكبر في جميع جوانب العبادات، كالصلاة والحج والدعاء، والعبادات القلبية والمالية.
١٥ - جهل أتباع الطرق أدى بهم إلى متابعة شيوخ الضلال في تعبيد الناس لهم من دون الله عز وجل بطاعتهم في تحليل ما حرم وتحريم ما أحل، وتعليقهم بالجن؛ فقد وردت أسماء الجن في أورادهم صراحة، كما علَّقوهم بالخرافات بدعوى الكرامات، والتي بعضها من تلاعب الشياطين بهم.
١٦ - من آثار الطرق الضارة: أنها جرَّأت أهل الإلحاد على الدعوة إلى إلحادهم جهاراً، وزعمهم أن الإسلام دين خرافات وأوهام، وأنه لا يمكن أن يرتقي بالأمة، ويستدلون بالضلالات والخرافات الفاشية في الأمة.
١٧ - للطرق الصوفية تاريخ غير مشرف في التعاون مع أعداء الإسلام؛ كتعاونهم مع التتر، والنصارى قديماً في الحروب الصليبية وفي زمن الاستعمار، ومع الأحزاب العلمانية والملحدة في بلاد المسلمين، فحري أن يجلى هذا التاريخ ليحذره المخلصون.