وأختم رسالتي هذه بما رواه يزيد بن عميرة قال)):كان معاذ لا يجلس مجلساً للذكر إلا قال: الله حكم قسط، هلك المرتابون.
إن من ورائكم فتناً يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن، حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والرجل والمرأة، والصغير والكبير، والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن، ماهم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة.
وأحذركم زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق.
قال: قلت لمعاذ: مايدريني رحمك الله أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق.
قال: بلى، اجتنب من كلام الحكيم المشتهرات التي يقال لها: ما هذه، ولا يثنينك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته، فإن على الحق نوراً)).
وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: ((كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
فقلت يارسول الله: إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير شر؟ قال صلى الله عليه وسلم)):نعم))!.
فقلت: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((نعم، وفيه دخن)).
قلت وما دخنه؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر)).
فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((نعم، قوم من جلدتنا! ويتكلمون بألسنتنا!)).
قلت: يا رسول الله: فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم!)).
فقلت: فإن لم تكن لهم جما عة ولا إمام؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)).
وفق الله القائمين على القضاء للصواب والإخلاص في الأقوال والأعمال، ونفع بهم البلاد والعباد، وأعانهم على ذكره، وشكره، وخشيته، وحسن عبادته، ونصرة كتابه، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعباده الصالحين، وهداهم لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه سبحانه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، كما أسأله سبحانه أن يهدي ضال المسلمين، وأن يذهب عنا وعنهم البأس، وأن يصرف عنا وعنهم كيد الكائدين، وأن يحفظنا بالإسلام قائمين، وقاعدين، وراقدين، وأن لا يشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين، إن الله لسميع الدعاء {إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود:٨٨]، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.