للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - إن العمى مرض من الأمراض، خصوصاً إذا كان صاحبه لا يجد قائداً أو غير حاذق ولا عارف بالطريق؛ فهنا يعتبر المرض مانعاً من وجوب الجمعة، أما إذا وجد القائد وكان هذا القائد سيأخذ أجرة المثل وبشرط أن تكون هذه الأجرة في حدود طاقته ولا تجحف به؛ فإن الجمعة عند ذلك تجب عليه وهذا يتفق مع روح التشريع الإسلامي في التيسير على المكلفين.

٩ - إن صلاة الجماعة واجبة على الأعمى؛ وذلك لقوة الأدلة الواردة في ذلك وصراحتها؛ حيث صرح صاحب الشرع بأنه لا رخصة في ذلك، ولو كان هناك تخيير في ترك صلاة الجماعة لكان أولى الناس بهذا التخيير مثل هذا الأعمى.

١٠ - إن الأعمى يجب عليه الحج إذا وجد زاداً وراحلة وقائداً يقوده متبرعاً أو بأجرة المثل؛ وذلك لأن الأعمى مع القائد لا يعسر عليه السفر عسراً بيناً زائداً على المعتاد في كلف الأسفار، وخصوصاً في زماننا هذا؛ حيث سهولة المواصلات ويسرها من طائرات وسيارات وسواها.

١١ - إن بيع الأعمى وشراءه صحيحان فيما لا يحتاج إلى الرؤية؛ لأنه إذا منع الأعمى من البيع والشراء لنفسه لتَرتب عليه حرج ومشقة شديدة تتنافى وروح التشريع الإسلامي الذي جاء بالتيسير على المكلفين.

١٢ - إن إجارة الأعمى واستئجاره صحيحة ما عدا ما يحتاج إلى رؤية؛ فلا يصح استئجاره.

١٣ - إن الأعمى يثبت له الخيار؛ لأنه قد يخدع، وذلك لأن ديننا الإسلامي راعى أحوال أتباعه عامة، ويسَّر لهم أسباب الخير والاطمئنان أمام ما يجلب لهم الأسى والندم.

١٤ - إن السلم من الأعمى يصح؛ سواء ولد أعمى أو عمي بعد سن التمييز أو قبله؛ وذلك لأن السلم عَقْد على موصوف في الذمة يستوي فيه الأعمى والبصير، ولأنه لا يشترط فيه الرؤية؛ وإنما يعتمد الكل على الوصف.

١٥ - إن الوكالة من الأعمى جائزة؛ وذلك أن الأعمى يحتاج إلى ضروريات الحياة من المأكل والمشرب، ولا يتمكن من شرائها بنفسه؛ فله أن يوكِّل، وإذا مُنع من التوكيل كان عليه من الحرج والمشقة الشيء الكثير.

١٦ - إن الأعمى يجوز أن يعهد له الإنسان من بعده بوصيته للأعمى برعاية مصالح أولاده؛ وذلك لأن الأعمى تتوفر فيه جميع الشروط الخاصة بالوصية، فلماذا يمنع؟

١٧ - إنه ينبغي أن يوضع في الحسبان أن الله سبحانه وتعالى تفضل بنعمة الذكاء وتوقد البصيرة غالباً على المكفوفين أكثر من غيرهم، وصدق الله حيث يقول: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [الحج: ٤٦].

١٨ - إن العمى عيب يثبت فيه الفسخ لكل من الزوجين؛ لأن العمى يعطل مصالح الزوج، حتى وإن كان مفهوم النكاح أنه يعقد عليها للاستمتاع بها، فعلم أن بيان العيب في النكاح أولى وأوجب.

١٩ - إن العمى ليس بقادح في ولاية التزويج؛ لأنه لا يمنع من تحصيل المقصود بالبحث والسماع والاستقصاء.

٢٠ - إن خُلع الأعمى صحيح؛ لأنه يصح من كل زوج يصح طلاقه والأعمى يصح طلاقه.

٢١ - إن الأعمى لا يجزئ عتقه في شيء من الكفارات؛ لأن العمى يضر بالعمل ضرراً بيناً، أما الرقبة العوراء فيجزئ عتقها.

٢٢ - أن الأعمى إذا قذف زوجته لاعن؛ لأن الله لم يخص أعمى من بصير، ولأنه يحصل له التحقق باللمس والسماع فصح لعانه.

٢٣ - إن الأعمى إن وجد امرأة على فراشه أو في منزلة فظن أنها زوجته فوطئها لا حد عليه؛ لأن الوطء حصل بالخطأ فجهله شبهة يُدرأ الحد به.

٢٤ - أن الأعمى إذا جنى على ذي عين سالمة فإنه تجب عليه الدية، أما إذا جنى على عين الأعمى - أي حدقته - ذو سلامة، بأن قلعها؛ فإن السالمة لا تؤخذ بها؛ لعدم المماثلة؛ بل يلزمه حكومة.

٢٥ - إن ذكاة الأعمى جائزة بغير كراهة؛ لأن الأعمى لم يفقد فيه إلا النظر، وذلك لا يوجب الكراهة، وكذلك صيد الأعمى جائز.

٢٦ - إن الجهاد لا يجب على الأعمى؛ لأن الله قد عذره بنص القرآن.

٢٧ - إن الأعمى لا يصلح أن يكون قاضياً؛ لأن القضاء منصب خطير يحتاج إلى قوة الملاحظة ودقتها؛ مما يحتاج معه إلى البصر، وكذلك لا يصلح أن يكون إماماً؛ لأن الإمام يسعى في تدبير مصالح الأمة، والأعمى محتاج إلى غيره في تدبير مصالحه.

٢٨ - إن شهادة الأعمى جائزة متى تيقن الصوت وعرف صاحبه؛ لأن طريقه السماع، والأعمى يستطيع أن يضبط الشهادة ويؤديها كما يؤديها البصير.

٢٩ - إنه لو لم تقبل شهادة الأعمى في بعض الأمور لأدى ذلك لضياع كثير من الحقوق؛ ولربما لا يوجد سواه، وهذا مخالف لسماحة الشريعة وسعتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>