للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ١٦/ ١١/١٣٨٤هـ أصدر وزير التجارة قراراً برقم (٢٦٢) بتشكيل هيئة فض المنازعات التجارية، وقد نص القرار على أن من اختصاصات الهيئة: توقيع العقوبات المنصوص عليها في نظام الأوراق التجارية، وفي ٥/ ٢/١٣٨٧هـ، صدر قرار مجلس الوزراء رقم (١٨٦) بدمج هيئة فض المنازعات التجارية وهيئة حسم منازعات الشركات في هيئة واحدة تسمى (هيئة حسم المنازعات التجارية) وعهد إليها بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام الأوراق التجارية، وفي ١١/ ٥/١٣٨٨هـ أصدر وزير التجارة قراراً برقم (٣٥٣) بإنشاء لجنة في مدينة الرياض تسمى لجنة النظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق الأوراق التجارية، كما صدرت قرارات مماثلة تتضمن إنشاء لجان في كل من جدة، والدمام، والأحساء، والقصيم، وفي ٢٢/ ٩/١٤٠٣هـ أصدر وزير التجارة قراراً برقم (٩١٨) بإنشاء مكتب في مدينة الرياض سمي: (مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية)، وإنشاء لجنة قانونية بوزارة التجارة للفصل في التظلمات ضد القرارات الصادرة من مكتب الفصل ومن لجان النظر في منازعات الأوراق التجارية، وفي ١٢/ ١١/١٤٠٥هـ صدر قرار مماثل بإنشاء مكتب للفصل في منازعات الأوراق التجارية في مدينة جدة، وحل هذان المكتبان في كل من الرياض وجدة محل اللجنتين فيهما، بينما بقيت لجان الدمام والأحساء والقصيم على وضعها السابق ..

ويتضح مما سبق أن الفصل في منازعات الأوراق التجارية يتولاه في كل من الرياض وجدة مكتب الفصل في منازعات الأوراق التجارية، بينما يتولاه في كل من الدمام والأحساء والقصيم لجنة الأوراق التجارية .. ، وهذا هو آخر ما استقر عليه الوضع في الفصل في منازعات الأوراق التجارية، ولا يزال هذا الوضع على ما هو عليه حتى تاريخ تحرير هذه الأطروحة ..

وبعد هذه اللمحة الموجزة عن تاريخ الأوراق التجارية في المملكة يتبين أن الوضع قد استقر على تولي مكاتب الفصل ولجان الأوراق التجارية التابعة لوزارة التجارة الفصل في منازعات الأوراق التجارية .. ، وفي نظري أن هذا الوضع يحتاج إلى أن يعاد النظر فيه، إذ أنه لا يتفق مع الأسس العامة في التنظيم القضائي، وفيه إخلال بوحدة القضاء، إذ أنه ينبغي أن يكون القضاء تابعاً لجهة واحدة ممثلة في وزارة العدل من غير منازعة لها من وزارة التجارة أو غيرها .. ، وليس بصحيح ما يذكر من أن هذه اللجان ليست هيئات قضائية وإنما هي أشبه باللجان والهيئات الإدارية .. ، إذ كيف لا تكون هيئات قضائية وهي تملك سلطة الحكم بالغرامة والحبس، وهذه الأخيرة لا تكون إلا من اختصاص القضاء، كما أن القضايا التي تنظر فيها لها أهمية بالغة على الاقتصاد الوطني ..

وفي نظري أن وجود هذه الهيئات واللجان للفصل في منازعات الأوراق التجارية بالوضع الحالي من أبرز أسباب ضعف التنفيذ للقرارات الصادرة عنها، وذلك لنظرة بعض الناس إليها على أنها ليست جهات قضائية وإنما هي جهات إدارة ليس لقراراتها أية قوة إلزامية .. هذا من جهة، ومن جهة أخرى: تشعب الإجراءات الناتجة عن هذه اللجان يؤدي بدوره إلى الضعف في التنفيذ ..

وبناء على ما تقدم فإنني في ختام هذه الأطروحة أوصي بنقل التقاضي في منازعات الأوراق التجارية من وزارة التجارة إلى وزارة العدل ليحكم فيها قضاة متخصصون في العلوم الشرعية، مع الدراية بالأنظمة القائمة، خاصة: نظام الأوراق التجارية، كما أوصى كذلك بأن تولي وزارة العدل الأوراق التجارية – في حالة نقلها إليها – عناية خاصة، وذلك بإنشاء محكمة خاصة بالأوراق التجارية يفرغ فيها قضاة للفصل في منازعات الأوراق التجارية، وتضاف دائرة جديدة إلى هيئة التمييز ويفرغ فيها قضاة للنظر في الاعتراضات الواردة من قبل الخصوم على الأحكام الصادرة من قضاة محكمة الأوراق التجارية ..

كما أوصى كذلك بأن تقوم وزارة الداخلية بتخصيص جهة تنفيذية مستقلة ومفرغة لتنفيذ القرارات الصادرة عن محكمة الأوراق التجارية: ضعف التنفيذ للقرارات الصادرة بحق مرتكبي تلك المخالفات، إذ أن الإجراءات التي نص عليها نظام الأوراق التجارية والإجراءات الإضافية التي اتخذتها وزارة التجارة قوية وصارمة ولكن تأتي الإشكالية من جهة التنفيذ كما سبق تفصيل الكلام في ذلك.

ولاشك أن تخصيص جهة تنفيذية مستقلة ومفرغة لتنفيذ ما يصدر من قرارات في حق مرتكبي تلك المخالفات من شأنه أن يوفر حماية كبيرة للأوراق التجارية، ويشجع على تداولها بين أفراد المجتمع، وينعكس بدوره على الاقتصاد العام للبلاد ..

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

<<  <  ج: ص:  >  >>