– إن أماكن الحبس في العهد النبوي وأغلب العصور الإسلامية كانت تتصف بالسعة والإضاءة الطبيعية أو الاصطناعية، والتهوية والنظافة، وكانت تتوفر فيها المرافق والخدمات التي تحفظ صحة السجين النفسية والجسمية.
– إبراز اهتمام المسلمين بتصنيف السجون والسجناء مراعين في ذلك الجنس والعمر وتجانس الجرائم مدة العقوبة، ومراتب السجناء القانونية والاجتماعية، وصفاتهم المدنية والعسكرية، وتبعية السجون ...
– يجوز حبس الأحداث في بيوت آبائهم وإلزامهم بتأديبهم، كما يجوز حبسهم فيما يشبه المراكز الإصلاحية ودور رعاية الأحداث.
– بيان مشروعية الإقامة الجبرية وعمل المسلمين بها في البيوت ونحوها.
– التعريف بوجوه إنفاق الدولة على السجون والسجناء وبذلها الغذاء والكسوة والفراش والإنارة والإعانة المالية لمن احتاج إليها ...
– إبراز سياسة علي رضي الله عنه في إنفاق الدولة على المحبوسين العاديين، وإلزامها المحبوسين من أهل الفساد والجريمة بالإنفاق على أنفسهم، وذلك أسلوب مفيد في التقليل من أعداد السجناء ونفقات السجون.
– الإشارة إلى أن الحالات الشاذة التي وقعت في سجون المسلمين لا تمثل الحقيقة الشرعية، لأن الباعث عليها أحقاد شخصية وعداوات فردية.
وقد كان للحكام والعلماء المخلصين في كافة العصور الإسلامية أثر كبير في إصلاح السجون وإعادتها إلى وجهتها الصحيحة. ومع هذا فقد شهد رجال من كبار الغربيين، أن تلك الحالات الشاذة لم تبلغ ما وصلت إليه أحوال السجون الأوربية – في عصر النهضة والاكتشاف – من قسوة مروعة وإهمال فظيع بمباركة "البرلمانات" وحماية القانون، ومشاركة الكنيسة. – إبراز عناية المسلمين بالسجناء المسلمين من العلم ووسائله، وأهمية ذلك في الإصلاح.
– جميع ما ذكره الفقهاء من أحكام العبادات المتصلة بالسجين خاصة، وبيان سمو تفكيرهم في ذلك، وذكر صور من تعبد المحبوسين.
– توضيح حكم إضراب السجين عن الطعام.
– ترجيح جواز تشغيل المحبوس، وذكر ما في ذلك من تطبيقات، وبيان حقوق السجناء الشغيلة.
– جميع ما ذكره الفقهاء من أحكام التصرفات المتصلة بالسجين خاصة، وبيان مدى اهتمامهم بأحوال السجين وتصرفاته حتى الذي يقدم للقتل.
– إبراز اهتمام المسلمين بالإبقاء على صلات السجين الاجتماعية الصالحة في داخل السجن وخارجه. وبيان حكم الشريعة في تمكين السجين من وطء زوجته.
– ضبط موجبات تأديب السجين ومعاقبته، وما يجوز أن يعاقب به وما لا يجوز، ووجوب مراعاة نية الردع الإصلاحي في العقوبة.
– توضيح حكم الإضرار بالسجناء وأثره الجزائي والمدني، ونظر الدولة في ذلك، ومحاسبتها المسؤولين عنه.
– يجوز خروج السجين من حبسه مؤقتا في حالات معينة، فإذا هرب استحق التأديب.
– بيان أهمية تهيئة المحبوس للخروج من سجنه، وإعلاء نفسيته وتزويده بوثائق الخروج اللازمة، وإعانته مادياً أثناء خروجه وبعده حتى يستغني، والتطبيقات المنقولة في ذلك.
– توضيح مشروعية امتناع المحبوس البريء عن الخروج من سجنه حتى تعلن براءته.
– حرص المسلمين على إسناد أمر السجون إلى الأكفاء الصالحين، الذين يعتبرون وظيفتهم قربة دينية وخدمة اجتماعية عظيمة الأهمية ...
– إبراز جهود المسلمين منذ العهد النبوي في اتخاذ ما يعتبر نواة شرطة السجن، وتطوير ذلك فيما بعد، وإفراده بإدارة خاصة.
– اتجاه الشريعة إلى وجوب تزويد السجن بطبيب ومرشد ديني ومشرف اجتماعي ومدرس ومعلم حرفي وموظف مسؤول عن تسجيل ما يطرأ على أحوال السجناء.
– قيام الجهات القضائية ونحوها بتفتيش السجون الإسلامية، ومتابعتها أساليب معاملة السجناء، والكشف عن المظلومين.
وبعد: فيتضح من مجموع ما تقدم مدى رقي الفقه الإسلامي ونضجه، وأصالة الروح الإنسانية الواقعة فيه، وأن كثيراً من المعاني الصالحة التي ينشدها رواد المدنية المعاصرة في إصلاح السجون، قد سبق الإسلام إلى تقريرها وأفضل منها بأسرع الخطوات وأسمى الصور، وإن وثيقة أبي يوسف القاضي وغيرها لا تزال تمثل تلك المعاني الإصلاحية.
ولقد شهدت المؤتمرات الدولية بكفاءة الفقه الإسلامي عامة وعبرت عن إعجابها به، ورغبت في اعتباره مصدراً من مصادر التشريع العام، وأوصت بتبني دراسات مقارنة في المذاهب الفقهية الإسلامية، لأنها يمكن أن تعتبر أساساً تشريعياً يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور.
وصدق الله العظيم القائل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: ٩].
والحمد لله رب العالمين.