للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يقم دليل على وجوب القنوت في الوتر، فهو سنة، يفعله المرء حيناً ويتركه حيناً، لعدم ثبوت مداومة الرسول – صلى الله عليه وسلم – على فعله. ولم يرد التكبير عند بدء القنوت، ولا رفع اليدين حذو المنكبين عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا ثبت ذلك عن أحد من أصحابه، ولم يثبت مسح الوجه باليدين بعد الانتهاء من الدعاء، ولهذا فهي بدع محدثة، لا يجوز فعلها لعموم قوله – صلى الله عليه وسلم -. ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). وكذلك الصلاة والسلام على النبي – صلى الله عليه وسلم – ورفع الأيدي للدعاء، لم يثبت فيها شيء عن النبي- صلى الله عليه وسلم – في قنوت الوتر. لكن ما ورد عن بعض الصحابة – رضوان الله عليهم – أنهم كانوا يرفعون أيديهم في قنوت رمضان، ويصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم – وورد عن بعض السلف أن ذلك بدعة. والذي يترجح، أن لا يزاد على قنوت المنفرد؛ لا الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا رفع الأيدي، وأما قنوت الوتر في رمضان جماعة، فترفع فيه الأيدي، ويصلى فيه على النبي – صلى الله عليه وسلم -.

وأما قنوت رمضان جهراً بالناس، فيكون في النصف الأخير منه، لثبوت ذلك عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم، ويرفع المأمومون أيديهم، ويؤمنون، وينبغي على الإمام تجنب السجع، ومجافاة التطويل، تحقيقاً للسنة. وبعداً عن الملل.

وأخيراً: فإن معظم الخلافات الواقعة في هذا الأمر، هي خلافات معتبرة، فيها راجح ومرجوح، مادام أصحابها متفقين في الأصول، اللهم إلا أن تقوم حجة بينة على رأي، أو حكم، أو فتوى .. فلا يعتبر – والحال هذه – خلافاً معتبراً. والمقصود من هذا؛ أن هذه المسائل، ليس فيها ولاء وبراء، وهجران وقطيعة، وتفرق واختلاف، وقيل وقال، كما يفعل كثير من الشباب، هدانا الله وإياهم سواء الصراط.

ربنا تقبل منا إنك أنت العليم الحكيم، واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. واجعلنا على سبيل السلف سائرين، وبأخلاقهم متمسكين، وبأدب الخلاف ملتزمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>