ورجحت جواز المسح على العمامة، وعلى خمار المرأة، وعلى القلانس، وأن المسح على العمامة لا يتشرط أن تكون محنكة أو ذات ذؤابة، ولا يشترط لبس العمامة على طهارة، ومسحها غير مؤقت على الصحيح، وإذا خلع العمامة لم تبطل طهارته، ولا يشترط استيعاب العمامة بالمسح.
وفي المسح على الجبيرة رجحت أن المسح لم يرد في نص مرفوع مع كثرة ما يصيب المسلمين من جراح، وهم أهل جهاد، فلو كان مشروعا لجاء ما يبين هذا الحكم، خاصة أنه يتعلق بأعظم العبادات العملية، وهي الصلاة، وأن المشروع هو التيمم، لأنه نوع من المرض، والله أعلم.
وهذه المسائل التي رجحتها لا تعدو أن يكون فهما معرضا للخطأ والصواب، والتقصير والقصور، وهذا الفهم قد توافقني عليه، وقد تخالفني، ولا يكلف الإنسان إلا بما ظهر له، فإن أصاب فله أجران، وإلا كان له أجر، وهذا من لطف الله سبحانه وتعالى حيث لم يحرم المجتهد إذا أخطأ من الأجر، فهو على النصف من أجر المصيب، وما على الإنسان إلا أن يستفرغ وسعه في البحث والتحري للقول الراجح، وأن يبذل ما يستطيع في فهم النصوص، وأن يتحرى العدل والإنصاف، وأن يكون كالقاضي بين الخصوم، ينظر في حجة كل قول، ويتحرى أقربها للحق والعدل، وأن يبتعد عن التقليد الأعمى، فما وهنت الأمة، ولا ذلت، إلا بتركها الجهاد والاجتهاد في دينها، ففي الجهاد كمال القوة، وفي الاجتهاد كمال العلم والمعرفة. قال سبحانه وتعالى:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.
وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعال بلطفه ورحمته وكرمه وعفوه أن يتجاوز عني، وأن يغفر لي ذنبي كله، وأن يسددني في القول والعمل، وأن يجعل ما علمنا حجة لنا لا علينا، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح إنه ولي ذلك والقادر عليه. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.