للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سابعاً: اعتماد سعر الصرف السائد يوم الاستيفاء أساساً في تحصيل الديون المؤجلة والأموال الثابتة في الذمة وعدم النظر إلى ما كان عليه سعر الصرف يوم وقوع البيع أو القرض بشرط عدم انقطاع النقد عن أيدي الناس أو كساده.

ملخص الرسالة

يتميز موضوع الصرف بأنه بيع يختص بالأثمان من الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من النقود والأثمان، فإن علماء الإسلام لم يقصروا الثمنية على الذهب والفضة بل جعلوا العلة التي من أجلها ربط الشارع الحكيم بعض الأحكام بالدنانير الذهبية والدراهم الفضية متعدية إلى ما سواهما من الأموال إذا حازت علة الذهب والفضة وهي الثمنية على الراجح من أقوال العلماء، فالنقود لا تقصد لذاتها، وإنما هي وسيلة إلى التعامل بها وتحصيل المنافع بواسطتها، والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا في مادتها ولا في صورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت.

وبناء على ذلك فإن التعامل بالنقود الورقية اليوم بيعاً وشراء يعد صرفاً وتنطبق عليه أحكام الصرف المطبقة على بيع الذهب والفضة كما أمرت به الشريعة الإسلامية.

وقد حرص الإسلام على ألا تخرج النقود عن وظيفتها الأساسية وهي الثمنية لكي يحفظ اقتصاد الأمة متيناً ويقيه من كل ما يؤثر عليه.

ولما كان بيع الصرف أقرب أنواع البيع إلى الربا، فإن الشارع الحكيم قد احتاط كثيراً لهذا النوع من التعامل واشترط له شروطاً خاصة زائدة على الشروط التي يجب توفرها في كل بيع، كما وضع له قواعد وضوابط انفرد بها عن سائر أنواع البيوع، مما جعل هذا العقد من أكثر عقود البيع قيوداً وأكثرها شروطاً، وهذا يدل دلالة واضحة على أهمية هذا العقد ومدى حرص الشارع الكريم على أن يكون التعامل به في البيع والشراء كما أراد له.

ولهذا فقد سار فقهاء الإسلام في استنباطهم لأحكام الصرف وبيان قواعده وضوابطه على تضييق التعامل به لإبعاد الناس عن الربا وشبهته حتى غدا باب الصرف من أضيق أبواب التعامل تحقيقاً لمصلحة التعامل بالأثمان للحافظ على معيار محدد للتعامل التجاري في السوق.

والقاعدة العامة في بيع الصرف أن الزيادة تحرم عند تبايع النقد إذا اتحد جنساً وتجوز إذا اختلف بشرط التقابض الحال في مجلس العقد وإلا كان التعامل رباً محرماً.

فإذا باع شخص دنانير أدرنية بـ دولارات أمريكية مثلاً فعليه أن يسلم الدنانير ويستلم الدولارات فوراً في مجلس العقد، فإن التقابض الفوري شرط أساسي في الصرف، ولا يجوز اشتراط الخيار في الصرف أو تأجيل قبض أحد البدلين، لأن شرط الخيار يؤثر في صحة القبض وشرط التأجيل يؤثر في القبض نفسه.

ولا تجوز المصارفة بعملة ثابتة في الذمة مع غيرها إلا بسعر يوم المصارفة بقطع النظر عما كانت عليه يوم ثبوتها في الذمة، فإنه لا أثر للارتفاع أو الانخفاض في سعر الصرف على الدين الثابت في الذمة.

ويلزم المدين عند حلول أجل الدين برد مثل ما أخذ قدراً وصفة، فإن الديون تؤدي بأمثالها دون التفات إلى ما يطرأ على سعر الصرف من رخص أو غلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>