للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن حال الميت دماغيا بأوصافه المذكورة في مبحث التصور الطبي تدل في ظاهرها على بقاء الحياة فالقلب ينبض والدورة الدموية تعمل وعامة أعضاء البدن سوى الدماغ تقوم بوظائفها كالكبد والكلى والبنكرياس والجهاز الهضمي والنخاع الشوكي وغير ذلك، ولذلك فإنه يتبول ويتغوط ويتعرق وحرارة جسمه ربما تكون مستقرة كحرارة الحي السوي (٣٧ درجة مئوية) وربما تكون مضطربة أو منخفضة، وهو مع ذلك فإنه قد يصاب بالرعشة وقد يصاب بخفقات القلب أو بارتفاع الضغط أو بانخفاضه وقد يتحرك حركة يسيرة، كحركة أطراف اليدين أو القدمين، وقد يتحرك حركة كبيرة كرفع إحدى اليدين أو إحدى القدمين أو رفع اليدين مع العاتقين إلى الأعلى وهي الحركة المسماة بـ (حركة لازارس) وتظهر هذه الحركات غالبا عند رفع المنفسة أو عند الضغط على بعض أعضاء الميت أو عند فتح صدره وبطنه لاستئصال أعضائه أو عند قطع الأوعية الكبيرة عند استئصال أعضائه.

وعند عملية استئصال أعضائه فإن طبيب التخدير يحقنه بدواء (مشلل أو مرخي للعضلات) ويبقى طبيب التخدير في مكان مراقبة المريض في نبضه وضغطه وغير ذلك, فإذا انخفض ضغطه حقنه بدواء يرفع الضغط فيستجيب بدن الميت دماغيا إلى الحال المطلوب فظاهر من هذه حاله أنه من أهل الحياة.

وهذا القول هو قرار هيئة العالم الإسلامي وما أفتى به لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف بالكويت، خلافا للمشهور بين الأطباء والعاملين في مراكز زراعة الأعضاء.

تاسعا: نقل الأعضاء التي تتوقف عليها حياة الإنسان من الميت دماغيا له حالان:

الحال الأولى: أن يكون النقل من مسلم وحكمه التحريم لأن أعضاءه لا تؤخذ إلا بقتله فيكون حينئذ قتل عمد موجب للقصاص.

الحال الثانية: أن يكون النقل من كافر وله صورتان:

الصورة الأولى: أن يكون النقل من كافر معاهد في بلاد الكفار إلى مسلم سواء أكانت زراعة العضو في بلادهم أو بنقل العضو إلى بلاد المسلمين لزراعته في معصوم [الدم]، فالأصل في هذه الصورة الجواز لأننا لم ننقض العهد الذي بيننا وبينهم.

الصورة الثانية: أن يكون نقل العضو من كافر معاهد في بلاد المسلمين إلى معصوم، وهذه الصورة لم يتبين لي وجه الجواز فيها فهي محل اشتباه وتوقف والله تعالى أعلم بالصواب.

عاشرا: يجوز نقل الدم والنخاع للعلاج ولم أقف على من خالف في هذا الحكم من العلماء المعاصرين.

حادي عشر: يجوز النقل الذاتي للجلد والعظام ولم أقف بعد البحث على من قال من أهل العلم المعاصرين بخلافه.

ثاني عشر: يجوز نقل الجلد والعظام وقرينة العين من الأموات، من البنوك العالمية للأعضاء التي توجد في غير بلاد المسلمين.

ثالث عشر: نقل الكلية من الأحياء، فيها خلاف قوي بين العلماء المعاصرين ولعل الأقرب إلى الرجحان فيها هو القول بالتحريم لأن ضرورة علاج الفشل الكلوي مدفوعة بالغسيل الدموي أو البريتوني، فلا ضرورة شرعية حينئذ تبيح استئصال الكلية من المعصوم ويتحمل لأجلها المضاعفات التي قد تلحق المتبرع والمتلقي وبعضها في غاية الخطورة

رابع عشر: لا يجوز للمبصر بعينيه أن يتبرع بقرنيتيه ولم أقف على من خالف في هذا الحكم من العلماء المعاصرين، ولا يجوز له أيضا أن يتبرع بإحدى قرنيتيه على القول الراجح.

خامس عشر: لا يجوز نقل الصمامات القلبية من الموتى دماغيا أو من الموتى حقيقية من المسلمين لأن ضرورة المريض مدفوعة بالصمام الصناعي أو الحيواني، أما نقله من الموتى دماغيا حقيقة من غير المسلمين فهو محل اشتباه وتوقف ولم يتبين لي وجه الرجحان فيه والله تعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>