الرابع والعشرون: إذا سقط الجنين لأقل من مائة وعشرين يوما وجزمنا بأنه لم ينفخ فيه الروح وكان سبب سقوطه مباحا فإن الانتفاع بأنسجته لإنقاذ مسلم معصوم من الهلكة أو الضرر جائز إن شاء الله تعالى، عملا بقاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد فالانتفاع بأنسجته في علاج المريض المسلم مصلحة تربو على مفسدة تشريح النطفة أو المضغة أو العقلة وأخذ الأعضاء منه، والله تعالى أعلم بالصواب.
الخامس والعشرون: لا يجوز تلقيح البويضات في المعامل لأجل الانتفاع بأنسجتها لما في ذلك من امتهان الإنسان الذي كرمه الله.
السادس والعشرون: ما يجوز نقله من الأعضاء مما ذكر إنما يجوز وفق الشروط العامة التي لابد من اعتبارها في نقل أي عضو من الأعضاء وهذه الشروط هي:
١ - ألا يترتب على المتبرع ضرر بذهاب نفسه أو منفعة فيه كالسمع والبصر والمشي ونحو ذلك حفظا لحق الله تعالى.
٢ - ألا يكون النقل إلا بإذن المنقول منه حفظا لحق العبد في بدنه وأخذ العضو دون إذنه ظلم واعتداء.
٣ - أن يكون إذن المنقول منه وهو كامل الأهلية فلا يصح من الصغير والمجنون أو بأسلوب الضغط والإكراه واستعمال أساليب الحيل والإحراج حفظا لحق العبد في بدنه.
٤ - ألا يكون النقل بطريق تمتهن فيه كرامة الإنسان كالبيع، وإنما تكون بطريق الإذن والتبرع.
٥ - أن يكون المنقول له معصوم الدم فهو الذي أوجب الشرع حفظ نفسه بخلاف مهدر الدم كالحربي.
٦ - أن تحفظ العورات فلا يجوز الكشف عليها إلا عند الضرورة أو الحاجة الملحة والضرورة والحاجة تقدر بقدرها.
٧ - إعمال الأطباء الذين يشرفون على علاج المريض قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد للمريض والمتبرع، فلا يجري [الطبيب] عملية النقل وانتفاع المريض بها مرجوح، ولا ينقل العضو من الإنسان مع إمكان علاج المريض بوسيلة أخرى، وغير ذلك من الصور والأحوال التي يدور عليها تصرف الطبيب مع المريض بإعماله لقاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد.
السابع والعشرون: التوصيات والمقترحات:
أولا: يبني الفقهاء قولهم في بعض المسائل الفقهية على قول الطبيب ويقيدون أحيانا بالطبيب الثقة أو الطبيب العدل أو الطبيب الحاذق أو الطبيب المسلم وربما جمعوا بعض هذه الأوصاف.
وفي وقتنا المعاصر اتسعت دائرة النوازل الطبية الكبرى ومن خلال المجلات الطبية المحكمة وتنوع الطب إلى تخصصات تفصيلية فالمتخصص في الطب النفسي قد لا تكون لديه المعلومات الوافية عن مفهوم الموت الدماغي، والمتخصص في طب العظام قد لا تكون لديه المعلومات الوافية عن زراعة القلب، وأحيانا أصحاب التخصص أنفسهم قد تخفى عليهم بعض المعلومات المهمة في تخصصهم،
ومن تجربتي في ذلك: أحد أسئلة الاستبانة كان عن حركة الميت دماغيا وكانت إجابة أحد عشر طبيبا استشاريا بأن الميت دماغيا لا يتحرك، وكان من بينهم أربعة استشاريين من ذوي التخصص الدقيق (المخ والأعضاء) مع أن حركة الميت دماغيا من الأوصاف المعروفة والثابتة علميا وقد شاهدتها بنفسي واطلعت على أكثر من عشر دراسات طبية منتشرة في مجلات طبية محكمة تتحدث عن أنواع حركة الميت دماغيا، وبناء عليه فإن طرح السؤال من قبل لجنة شرعية على طبيب حاضر وتنزيل الحكم الشرعي على النازلة بناء على ما أدلى به الطبيب من معلومات فإن النتيجة قد لا تكون سليمة، ولذلك فإنه لابد من تحديد مفهوم الطبيب الثقة في البحوث الفقهية وفق المعطيات السابقة، والذي أقترحه أن يكون الوصول إلى المعلومات الطبية التي يحتاجها الفقيه من الوسائل الآتية: