ولبيت المال موارد كثيرة منها: الفيء، وزكاة الأموال الظاهرة، وخمس الخارج من الأرض من معدن، وكذا الخارج من البحر، وغير ذلك من الموارد التي سبق بيانها.
١٠ - ولبيت المال مصارف كثيرة ومتنوعة بحسب تنوع المال الموجود فيه. فالأموال الزكوية والصدقات مصرفها لمن سمى الله في كتابه، وهم الأصناف الثمانية المنصوص عليها.
وأهم مصرف فيه هو الفيء، حيث يصرف منه كل ما يتعلق بالمصالح العامة للمسلمين، كعطاء الجند وأرزاقهم، وتكاليف الجهاد، والمصالح العامة للبلد من مساجد وطرق ومدارس ونحو ذلك، ورواتب الموظفين الذين يحتاج إليهم المسلمون في أمورهم العامة كالقضاة والمفتين والمحتسبين والأئمة والمؤذنين والمدرسين ونحوهم، ممن فرغ نفسه لمصالح المسلمين.
١١ - القربة الشرعية: هي ما يتقرب به إلى الله، وهذا هو المفهوم الراجح لمعنى القربة، فإن للعلماء في تحديد معنى القربى اتجاهين: اتجاه يرى أن القربة هي نفس الشيء المتقرب به إلى الله، والاتجاه الآخر على أن القربة هي نفس فعل التقرب، دون النظر إلى ذات القربة من حيث هي.
١٢ - هناك فرق بين القربة وبين الطاعة والعبادة، فالطاعة أعم من القربة ومن العبادة، فكل قربة أو عبادة طاعة، ولا ينعكس، والقربة أعم من العبادة، فكل عبادة قربة، ولا ينعكس.
١٣ - القرب تتنوع من حيث حكمها التكليفي، ومن حيث العموم والخصوص، ومن حيث اشتراط النية فيها وعدمه، ومن حيث تعدي نفعها فاعلها وعدم تعديه، فهناك قرب عامة وقرب خاصة، وهناك قرب يشترط فيها النية، وقرب لا يشترط فيها ذلك، وهكذا.
١٤ - لا يجوز إجماعا الاستئجار على الصلاة عن الحي، سواء أكانت صلاة واجبة، أم كانت صلاة تطوع، ولا فرق في ذلك بين أن يكون المرء قد تركها متعمدا أم تركها لعذر، وسواء أكان حين تركها صحيحا أم مريضا.
١٥ - الصلوات المنذورة التي تركها الميت ولم يوف بها يجوز على الراجح من أقوال الفقهاء قضاؤها عن الميت بأجرة، إذا لم يؤدها الولي عنه، ولم يتبرع أحد بأدائها عنه، وعليه فإن الإنسان إذا أوصى قبل موته بقضاء ما وجب في ذمته من صلاة نذر، وكان له تركة، استؤجر من تركته من يقضي هذه الصلوات عنه.
١٦ - إذا وجد متطوع بالأذان والإقامة حسبة لله تعالى، فإنه لا يجوز في هذه الحالة إرزاق غيره من بيت المال، ولا الاستئجار على هذه الشعيرة العظيمة، فإن عدم المتطوع جاز أخذ الرزق على الأذان حينئذ، وأما الأجرة فالصحيح الراجح من أقوال الفقهاء أنه لا يجوز الاستئجار على الأذان والإقامة إلا للحاجة أو الضرورة، وهي خشية تعطل هذه الشعيرة، وحاجة المؤذن لقوته الواجب.
١٧ - لا خلاف بين الفقهاء أن ما يعطاه الإمام في الصلوات من غير شرط أن ذلك جائز، سواء أكان ذلك رزقا من بيت المال، أم وقفا، أم هدية، أم نحو ذلك مما يكون على سبيل البر والصلة والإحسان، فإن لم يتيسر ذلك، فإنه لا يجوز الاستئجار على إمامة الصلوات إلا للحاجة أو الضرورة، كما سبق في الأذان
١٨ - عمارة المساجد وصيانتها من أجل القرب إلى الله تعالى، وقد اتفق الفقهاء على جواز الاستئجار على ذلك.
١٩ - لا يجوز باتفاق الفقهاء الاستئجار على صلاة الجنازة، أما تجهيز الميت ودفنه، فإنه إن كان فرض كفاية جاز الاستئجار عليه، وإن تعين فإنه لا يجوز ذلك.
٢٠ - النيابة في العبادات التي لها تعلق بالمال كالزكاة والصدقات والمنذورات والكفارات ونحوها، تصح النيابة فيها بالاتفاق.