٥٤ - المأذون الشرعي لعقود الأنكحة، إذا كان مفرغا لهذا العمل من قبل الإمام فله رزقه من بيت المال كبقية أعوان القاضي، وإلا جاز له أخذ الأجرة على عمله من العاقد، ما لم يكن متبرعا بعمله، فلا يجوز له ذلك.
٥٥ - القسام له أخذ الرزق من بيت المال باتفاق الفقهاء، فإن تعذر رزقه من بيت المال جاز له أخذ الأجرة على عمله ممن يريدون القسمة، سواء أكان هو قسام القاضي أم قسام الشركاء.
٥٦ - يجوز للشاهد إن كان فقيرا أخذ النفقة التي يحتاجها لإقامة الشهادة، وذلك بلا خلاف بين الفقهاء، فإذا كان الشاهد غنيا فالصحيح أنه لا يجوز له أخذ النفقة التي تتطلبها الشهادة ممن شهد له؛ لوجوبها عليه. أما الرزق من بيت المال فإنه يجوز للشاهد أخذه على تحمل الشهادة وأدائها باتفاق الجمهور، بخلاف الأجرة على الشهادة، فإنه لا يجوز للشاهد أخذ الأجرة على الشهادة على الراجح من أقوال الفقهاء.
٥٧ - الإفتاء من أهم المناصب الشرعية، فإذا فرغ الإمام من يقوم بهذا المنصب، فإن كان فقيرا فله أخذ الرزق على عمله من بيت المال بالاتفاق، أما إذا كان المفتي غنيا، فالصحيح جواز ذلك أيضا.
أما أخذ الأجرة على الإفتاء من المستفتين، فلا يجوز ذلك مطلقا، إلا إذا كانت الفتوى كتابة، فتجوز الأجرة عليها حينئذ، لأن الكتابة لا تلزمه على الصحيح.
٥٨ - الحسبة من أهم الوظائف الدينية وأشرف الولايات الشرعية، وقد اتفق الفقهاء على جواز أخذ الرزق من بيت المال على الحسبة، أما الأجرة على ذلك، فإن كان له رزق من بيت المال فلا يجوز له أخذ الأجرة على عمله، فإن لم يكن له رزق فلأهل البلد أن يعطوه كفايته، مجازاة له على إحسانه إليهم، وإلا جاز له أخذ الأجرة على عمله للحاجة والضرورة؛ ليستعين بها على عمله، ويقضي بها حاجته الضرورية، فيكون قد أكل طيبا وعمل صالحا، والله تعالى أعلم.
وبعد هذا السرد لمحتوى الرسالة بإيجاز شديد، تكون الرسالة قد أتت على نهايتها، وأكون قد أنجزت بعون الله تعالى وتوفيقه ما خططت لبحثه ودراسته، وهنا أكرر ما سبق أن قلته: إن هذا جهدي ومستطاعي، فما فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، وأستغفر الله من ذلك وأتوب إليه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا.