ولذا فإن بعض أهل العلم ينسب هذه العقيدة إلى الباطنية في حين أن الباطنية لم تخص بهذه المقالة، والذي تولى كبرها وأكثر من الوضع فيها هم الاثنا عشرية.
وقد سجلت هذه المقالة في أول كتاب ظهر لهم وهو الذي يسمونه أبجد الشيعة وهو كتاب سليم بن قيس، والذي كشف بعض شيوخهم عن أمره، وأنه موضوع، ومؤلفه مجهول.
١١ - وفي السنة المطهرة كانت لهم أصول منكرة كقولهم إن الإمام يوحى إليه بل يأتيه خلق أعظم من جبريل الذي يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم – ومن سمع حديثاً من أحد من الأئمة له أن يقول فيه: قال الله لأن قولهم كقول الله، وطاعتهم طاعة الله.
وفيهم روح القدس التي بها (عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى)، وبها يرون ما غاب عنهم في أقطار الأرض وما في عنان السماء، ويذهبون إلى عرش الرحمن كل جمعة ليأخذوا من العلم ما شاؤوا.
وقالوا إن الله سبحانه يناجي علياً والأئمة.
وهذا كله يسمى عندهم (العلم الحادث)، أما العلم المزبور والذي ورثوه عن الرسول فهي كتب وهمية كثيرة كالجامعة والجفر، وكتاب علي، والعبيطة، و (ديوان الشيعة) وغيرها.
وقالوا: بأن علياً استمر يتلقى هذه العلوم والأسرار والكتب في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم – بل وبعد موته، من دون الصحابة أجمعين، فهو الباب الوحيد لسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم -، ومن ادعى سماعاً من غيره فقد أشرك.
واستمر الوحي الإلهي عندهم عن طريق الأئمة لم ينقطع حتى سنة (٣٦٠هـ) وبعد ذلك استمر أيضاً قرابة أربع وسبعين سنة عن طريق نواب المهدي، ثم بعد ذلك عن طريق الشيوخ الذين لم صلة سرية بمهديهم، ولذلك فإن شيوخهم يضعون بدعاً جديدة حتى أن شيخ الدولة الصفوية علي الكركي وضع مبدأ جواز السجود للمخلوق، ووضع لهم أيضاً مبدأ السجود على التربة.
وشيخهم الخميني نقل عملياً وظائف المهدي كلها إليه وإلى دولته.
ولهم كتب جمعت هذا (الغثاء) واستقلوا بها عن المسلمين وهي مصادر أربعة: الكافي، والتهذيب، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه. ألحق بها المتأخرون أربعة أرخى هي: الوافي: والبحار، والوسائل، ومستدرك الوسائل. ثم أضافوا إليها عدداً من كتب شيوخهم جعلوها في الاعتبار كالمصادر الأربعة.
وكانوا يقبلون كل ما جاء في كتب أخبارهم. حتى جاء شيخ الإسلام ابن تيمية ورد على ابن المطهر الحلي ونعى على الشيعة جهلهم بالرواية، فوضع ابن المطهر طريقة تقسيم أحاديثهم إلى صحيح وحسن وموثق وضعيف، وكان الدافع لذلك هو اتقاء تعبير العامة لهم كما تبين ذلك أثناء النزاع الذي وقع بين الشيعة بسبب اختلافهم في هذه المسألة حتى انقسموا إلى أصوليين وأخباريين. وهذه نتيجة مهمة توصل إليها هذا البحث.
وقد اعترف أحد شيوخهم بأنهم إذا طبقوا علم الجرح والتعديل كأهل السنة لم يبق من أحاديثهم شيء فليبحثوا لهم عن مذهب آخر.
ورجال أحاديثهم فيهم أسماء لا مسمى لها، وأكثرهم ينتحل المذاهب الفاسدة في نظر الاثنى عشرية نفسها، فهم في عداد الكفرة ولكنهم يقبلون أخبارهم، لأنهم شيعة، أما أهل السنة والزيدية، وأهل البيت ما عدا الاثنى عشر فهم يردون رواياتهم حتى رفضوا روايات زيد بن علي. لكن الإمامي الذي على مذهبهم يقبل قوله مهما كان حتى قال بعض شيوخهم: (بأن القدح في دين الرجل لا يؤثر في صحة حديثه).