٥ - ينبغي أن يتفطن لذلك المهتمون بدراسة فقه السلف، وأصولهم من الباحثين، والدارسين، فيقتصروا في ذلك على الطرق الصحيحة. ولا يتقولوا على أئمة الصحابة والتابعين، ومن بعدهم بنسبة أقوال لهم لم يصرحوا بها أو تجري مجرى ما صرحوا به من غير فرق، وأن يبينوا ما نصوا عليه وما هو مستخرج بطريق القياس أو غيره حتى يكون الناظر فيما يكتبونه على بينة، فيعرف ما ثبتت نسبته، وما لم تثبت نسبته. وقد اعتاد كثير من فقهاء الحنابلة في نقل مذهب إمامهم أن يبينوا ما نص عليه وما هو مخرج على ما نص عليه. فينبغي الالتزام بذلك المنهج لكل من يكتب فقه أحد من السلف أو ينقل رأيه في مسألة معينة.
وإذا كان هذا هو المنهج المطلوب ممن يدرس فقه من دون الصحابة فهو على من يدرس فقه الصحابة أوجب، لأن كثيرا من العلماء يرون أن مذهب الصحابي حجة، إما مطلقاً أو في بعض المواطن، فإذا نسب الباحث إلى الصحابي قولاً لم ينص عليه فقد غرر بمن يقرأ كتابه ممن جاء بعده. ويترتب على ذلك فساد كبير من جهة الاستدلال بقول لم يقله الصحابي.
٦ - أنه لا مانع من قول الفقيه المتأخر، هذا قياس مذهب الشافعي، أو قياس مذهب أحمد أو غيرهما, أو هو مفهوم كلامه، لأنه قال: كذا وكذا، ولكن المحذور في أن يقول هذا مذهب الشافعي ولا يبين من أين أخذه ولا الطريق الذي سلكه في معرفة المذهب.
وفي الختام أضرع إلى الله العلي القدير أن يجعل عملنا منتظماً في سلك النصح لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم والحمد لله أولاً وآخراً. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.