(٦) وفي بحث جواز تعدد دار الإسلام ترجح لدينا الرأي القائل بعدم جواز نصب إمامين للمسلمين بأي حال من الأحوال. فدار الإسلام واحدة. فإذا حصل العجز عن تطبيق ذلك فذلك أمر يعد من الضروريات التي تبيح المحظورات والضرورة تقدر بقدرها.
(٧) لا يجوز للمسلمين أن يقيموا في دار الحرب حقيقة وحكماً في حالة استطاعتهم الهجرة إلى دار الإسلام. أما حكم إقامتهم في دار الحرب حقيقة فيرجع ذلك إلى وضع البلاد وحالة المسلمين فيها. فقد تكون الهجرة منها واجبة وقد تكون مستحبة كما قد يكون المقام فيها واجباً. وقد تختلف حالة شخص عن آخر، فتجب الهجرة على الأول دون الآخر وهكذا.
(٨) أن اصطلاح الأحوال الشخصية والأحوال العينية هما اصطلاحان غربيان. فقد دخلا إلى الدول الإسلامية عن طريق دخول الاحتلال الغربي لها. وأن لهما مدلولاً خاصًا لا يتفق مع شريعتنا الإسلامية، ولذا فإني أود أن لو لم يستعملها المسلمون في كتاباتهم وقضاياهم، وعليهم أن يستخدما المصطلحات الإسلامية التي تواضع عليها فقهاؤنا القدامى مثل المناكحات والمعاملات.
(٩) وفي بحث زواج المسلم رجحنا رأي من قيد ذلك بظروف واعتبارات. فيكره للمسلم أن يتزوج كتابية سواء كان في دار الإسلام أو في دار الحرب، إلا في إحدى الحالتين:
أولهما: إذا خشي العنت على نفسه ولم يتيسر له زواج المسلمات.
الثانية: إذا غلب على ظنه أنه ستسلم بعد الزواج بها، وأنها ستخرج معه إلى دار الإسلام إذا كان الزواج في دار الحرب.
أما حكم زواج المسلم بمسلمة في دار الحرب فيجوز له ذلك. لا سيما إذا كانت المسلمة أسيرة. سواء كان المسلم مستأمنا أو أسيراً. ولكنه لا ينبغي له أن يطلب منها ولداً مادام لم يقدر أن يخرج بها إلى دار الإسلام، تحوطاً للمسلم من استرقاق ولده.
(١٠) وفي دراسة مدى تأثير اختلاف الدارين بين الزوجين في فرقة الزواج والعدة رجحنا أن اختلاف الدارين ليس سبباً للفرقة بين الزوجين، سواء كان هذا اختلاف بسبب سبي أحدهما وأخرج إلى دار الإسلام، أو بسبب خروج أحدهما إلى دار الحرب مرتداً أو ناقضاً للعهد. وإنما الفرقة تحصل لأحد هذه الأسباب الثلاثة: إما لإسلام أحدهما وإما لارتداد أحدهما وإما للسبي.
(١١) وفي بحث النفقات لاحظت أنه لا أثر لاختلاف الدارين في حكمها، لا في نفقة الزوجة ولا في نفقة الأقارب. فتجب النفقة على المسلم أو الذمي لأقاربه المستأمنين وبالعكس. أما الحربيون المقاتلون فلا تجب نفقتهم على أهل دار الإسلام لوجوب قتالهم، لا لتباين الدارين.
(١٢) وفي الوصية رجحت الرأي القائل بصحة وصية المسلم أو الكافر للكافر المعين، ولو كان حربياً. ولكن الوصية للحربي يجب أن يراعي الوصي الشروط التالية:
أ- أن لا يتصف الحربي الموصي له بالقتال.
ب- أن لا يكون الكفر أو الحرابة جهة في الوصية.
ج- أن تكون الوصية غير الوقف.
(١٣) وفي الوقف يترجح عندنا القول بصحة الوقف للذمي والمستأمن دون الحربي، إذ إن الوقف من حقيقته الدوام ومن شروط التأبيد، فلا يتحقق المقصود من الوقف مع الحرابة.
(١٤) وفي بحث جواز توريث المسلم من الكافر الذمي وجدت الجمهور الأعظم من الفقهاء يمنعون منه، وظفرت بقول معاذ بن جبل رضي الله عنه بالجواز. وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله.