هذا، وقد انتهيت من ذكر خلاصة هذه الرسالة وما استطاعت أن تحققه من نتائج – ولله الحمد والشكر – وإنني لا أعد الجهد الذي بذلته والتعب الذي تحملته – مدة أربع سنوات قضيتها في إعداد هذه الرسالة – إلا شيئاً قليلاً في حق الشريعة الإسلامية. كما أنني لم أحقق جميع ما يجب أن أحققه في الارتقاء بهذه الرسالة إلى أعلى مستوى، وحسبي أنني حاولت أن أحقق ذلك وبذلت قصارى جهدي في فترة محدودة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها. لذا فإنني أعتذر إلى القارئ الكريم عما قد يكون في الرسالة من نقص أو خطأ، راجياً ممن وقف عليه أن يسعى في إصلاحه بكل مسؤولية وإخلاص، أداءً لحق الأخوة في الإسلام، وادخارا لجزيل المثوبة في دار الإسلام، فإن الكمال لله وحده، والعصمة من شأن الرسل عليهم الصلاة والسلام.
وقد روى البويطي رحمه الله عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال له:"إني صنفت هذه الكتب فلم آل فيها الصواب، فلابد أن يوجد فيها ما يخالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله عليه السلام. قال الله تعالى:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} فما وجدتم فيها مما يخالف كتاب الله وسنة رسوله فإني راجع عنه إلى كتاب الله وسنة رسوله ... ". وقال المزني رحمه الله:"فقال الشافعي: "هيه. أبى الله أن يكون كتابا صحيحًا غير كتابه".
وما أجمل تلك العبارة المأثورة عن العلامة العماد الأصفهاني رحمه الله في بعض ما كتب حيث قال: "إني رأيتُ أنه لا يكتب إنسان كتابًا في يومه إلى قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن ولو زيد كذا لكان يستحسن ولو قدم هذا لكان أفضل ولو ترك هذا لكان أجمل. وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر".