للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الشافعية فقد قالوا أن السكر يزيل العقل ويمنع التكليف غير أن السكران إذا كان عاصيا في سكره صار كالصاحي في جريان الأحكام عليه.

الباب الرابع

(الأشربة الحديثة المسكرة والمخدرات والدخان)

وقد توصلت فيه إلى النتائج التالية:

أ- أن العبرة في الأشربة المسكرة في مسمياتها لا في أسمائها وبالتالي فليسم القوم ما شاؤوا من الأسماء، فالحقيقة – التي تقول أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام، ونقول أن ما أسكر كثيره فقليله حرام – ثابتة لا تتغير إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وقد صدق الله سبحانه حيث يقول {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى}.

ب- أن المخدرات بجميع أنواعها محرمة، قليلها وكثيرها في الحرمة سواء لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن كل مسكر ومفتر) ولقوله صلى الله عليه وسلم (ألا إن كل مسكر حرام، وكل مخدر حرام، وما أسكر كثيره حرم قليله وما خمر العقل فهو حرام).

ج- أن آراء الفقهاء قد اختلفت في إصدار حكم على الدخان من حيث الحل والحرمة وأنني رجحت القول بكراهته كراهة تحريمه، والله أعلم.

وبعد.

وأن الندوات والمؤتمرات والجمعيات التي تقيمها الدول للقضاء على المسكرات والمخدرات بعد أن ذاقت من أمرها الأمرين – فسادا في الدين والأخلاق والاقتصاد والسياسة والاجتماع – ستبقى جهدا ضائعا ليس له نصيب من النجاح لأن النجاح والفلاح لا يكون إلا في اتباع شريعة الله عقيدة ومنهاجا ونظام حياة.

{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

وختاما:

فأنني أسأل الله أن يوفقنا لصالح الأقوال والأعمال وأن يجنبنا الزلل وفحش الكلام، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ}.

{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}.

{وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وصلى الله على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>