١٤ - ويجوز للمسلم أن يحتمي بالكافر عند الحاجة. كما يجوز أن يتحالف معه عند الحاجة الشديدة أيضاً بشرط ألا تكون قوة الكافر أقوى من المسلم وألا يتضمن الحلف أمراً محظوراً. ١٥ - ويجوز للدولة المسلمة أن تستعين بأفراد الكفار في الأمور الدنيوية بحسب الحاجة. أما الدينية فالأصل عدم جوازها. إلا في الجهاد فيجوز للدولة أن تستعين بالكفار بثلاثة شروط:
١ - وجود الحاجة.
٢ - أمن الخيانة.
٣ - ألا يكون لهم شوكة تنازع المسلمين. اللهم إلا في حال قتال أهل البغي فلا يجوز للدولة أن تستعين بالكفار مطلقاً.
١٦ - كما يجوز للدولة أن تستعين بالكافر لغرض التجسس على الكفار والدعاية لصالح الدولة الإسلامية إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
١٧ - ولا يجوز للدولة أن تمكن المستأمنين من الولايات والوظائف مطلقاً إلا عند الحاجة الشديدة في الوظائف العادية. ومثل ذلك الاستشارة وأخذ الرأي.
١٨ - واستعانة الدولة المسلمة بالدول الكافرة تجوز في ما تدعو إليه الحاجة وتقتضيه المصلحة من أمور الدنيا، سواء أكانت الاستعانة بأموالهم أم برجالهم.
١٩ - ولا يجوز أن تلجأ الدولة المسلمة إلى دول الكفر لتطلب منها تأييدها في نصرة قضاياها المصرية. كما لا يجوز أن تدخل في الأحلاف الكافرة مثل حلف الأطلسي وحلف وارسو.
٢٠ - أما التعاون المتبادل بين الدولة الإسلامية ودول الكفر فيجوز منه ما تدعو إليه الحاجة في أمور الدنيا كالتمثيل الدبلوماسي، وتبادل الأسرى، وتبادل المعلومات التي لا خطر فيها على مصلحة الأمة، والتعاون في مجال الاقتصاد وفي شؤون الدنيا المحضة وما إلى ذلك.
٢١ - ولا يكاد يوجد أحكام خاصة بالذميين في أحكام الاستعانة بل إن ما ينطبق على غير الذمي من المستأمنين وغيرهم ينطبق عليه. غير أن أهم ما يختلفون فيه عن غيرهم هو في تولية الوظائف فتجوز توليتهم في الأمور الدنيوية العادية عند الحاجة ويقدمون على المستأمنين. أما المستأمنون فلا تجوز إلا في حالات نادرة للغاية.
٢٢ - وأهل الأهواء والبدع تختلف أحوالهم، فمن كانت بدعته كفرية رحمت الاستعانة به إجماعاً. وإن كانت دون ذلك فتجوز الاستعانة بمن يستتر ببدعته وكانت بدعته جزئية، أما الإمام في البدعة أو صاحب البدعة الكلية فالأصل عدم الاستعانة به.
٢٣ - ولجزيرة العرب وهي الحجاز وما حوله حكم خاص فلا يجوز أن يقيم فيها الكفار إقامة طويلة أو دائمة، ولا أن يتملكوا فيها عقاراً أو يبنوا فيها معابد، أما ما كان بعيداً عن الحجاز فيجوز أن يقيم الكافر إقامة طويلة بشرط أن يكون ذلك بإذن الإمام وأن تدعو الحاجة أو المصلحة إلى ذلك.
٢٤ - وقد لوحظ تساهل المسلمين وتهاونهم مع الكفار، وبدت مظاهر هذا التساهل في صور كثيرة لا حصر لها شملت جوانب الدين والحياة كلها دون استثناء. سواء في مجال العقيدة أم العبادة أم الأخلاق والأدب، أم جوانب التنظيم والتشريع والتعليم والاقتصاد وغيرها. مما نتج عنه آثار سيئة، ألحقت بالأمة الإسلامية الضرر البالغ في كل الجوانب السابقة وغيرها، وأصبحت عالة على غيرها من الأمم.
ولهذا .. فإنه إن كان لي مجال لطرح الاقتراحات في نهاية هذا البحث المبارك من أجل وصف علاج ناجع لتلك الأدواء المزمنة التي حلت بالأمة، مما ألجأها إلى الأمم الكافرة تستعين بها في شتى ميادين الحياة وتقف وراءها موقف الذليل والحيران والمقلد دون وعي وبصيرة.
إنه إن كان لي مجال فإنني أختصره في كلمة واحدة هي: "أن تعود الأمة الإسلامية إلى معدنها الأصيل "كتاب الله وسنة رسوله – وسيرة السلف الصالح". تصحيحاً للعقيدة وجمعاً للكلمة وتوحيداً للصف وتعاوناً على البر والتقوى، وأخذاً بأسباب الحياة التي شرعها الله تبارك وتعالى. فإذا فعلوا ذلك فستحصل لهم الغنية والاكتفاء عن الكفار، ولن يحتاجوا إليهم إلا في أمور صغيرة لا خطر فيها. {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: ٤ - ٥].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله صحبه أجمعين.