امتاز الفقه المالكي والحنبلي بالمبالغة في الأخذ بمبدأ سد الذرائع وبناء الأحكام الشريعة عليه حتى أبطلت كثير من العقود عندهم وهي جائزة عند الحنفية والشافعية وكان للاعتداد بالنوايا أثر كبير في هذين المذهبين – المالكية والحنابلة – حتى أنهم اعتبروا الظرف والباعث على الأيمان والعقود.
تاسع عشر:
المسائل الخلافية يعسر إحصاؤها ولذا لابد من حصرها تحت أصول أو قواعد عامة كما في الأصول المنثورة في المبسوط والبدائع ولتي جمعها الدبوسي في كتاب تأسيس النظر وكما في الفروق للقرافي المالكي والقواعد لابن رجب الحنبلي وكما في الأشباه والنظائر لابن نجيم الحنفي والأشباه والنظائر للسيوطي الشافعي وهذه القواعد تقصر الطريق على الباحث وتحكم نظره وبصره بمظان المسائل المختلفة.
عشرين:
أستبعد أن تكون من الأئمة الأعلام مطاعن على بعضهم أو إزراء على آراء بعضهم. وأرجح أن ما نسب إليهم من الأقوال الجارحة في حق إخوانهم وأقرانهم إنما هو من دسائس الفئات المنحرفة من الشيعة وأصلها كتاب: روضات الحسان وهؤلاء لا هم لهم إلا الطعن على أهل السنة الشريفة فهم لم يوفروا أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , والله أعلم لعلها نزعة ظاهرها الإسلام وباطنها الكفر والإلحاد.
ثم إن أتباع المذاهب الذين قعدت بهم الهمم عن الاجتهاد ومعرفة الأدلة وقعوا في شرك تلك الافتراءات الشنيعة فانطلقوا يقلدون أئمتهم ولو ظهر لهم دليل صحيح مخالف ثم انطلقت ألسنتهم بالسوء والشتيمة على الأئمة الآخرين.
حادي وعشرين:
كثرت مخصصات العام عند المالكية والحنابلة لأنهم يقولون: إن العام ظاهر الدلالة. حتى عدوا العرف والمصلحة والنية والعقل والقياس والعادات والشروط والاستثناء من هذه المخصصات.
ثاني وعشرين:
لا تعد مخالفة المذاهب في بعض مسائلة لقوة دليل يظهر خروجا عن المذهب ولا يعد الأخذ بأقوال الأئمة الآخرين تلفيقا بل الأئمة أنفسهم يقولون بذلك وينهون عن الأخذ بأقوالهم إذا صح دليل مخالف.
ثالث وعشرين:
لا ينبغي التعصب لمذهب من المذاهب واعتقاد العصمة فيه لأن العصمة ليست لأحد من خلق الله سوى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
والأئمة المجتهدون سواسية في الاجتهاد وكلهم مأجورون ومحمودون عند الله تعالى وإن كان الحق واحدا لا يتعدد إلا أنه دائر بينهم.
ومن اعتقد أن أحد المذاهب على حق وسائرها في ضلالة فقد وقع في حفرة الضلالة.
وأستغفر الله العظيم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.