للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من تسمياتها: الديون الحرجة – الديون الصعبة – الديون غير العاملة) وكلها تعبر عن ظاهرة واحدة ولكن بدرجات متفاوتة ويمكن أن يؤدي تحليل المركز المالي والنقدي للمدين إلى القول بوجود حالات يمكن معالجتها وهي حالات الإعسار أو العسر المالي وحالات ميؤوس من علاجها تقتضي اتخاذ الدائن الإجراءات اللازمة للمحافظة على حقوقه وإلى أن تنتهي تلك الإجراءات يعتبر الدين مشكوكاً فيه أي في تحصيله وتصبح الديون المعدومة هي التي أصبح من المستحيل استرجاعها. والمؤسسات المالية ككائن حي تتأثر تأثراً مباشراً بظروف المتعاملين معها وبظروف البيئة المحيطة بها ويجب أن تأخذ بكل أسباب الحيطة والحذر تجاه كل ذلك. ومن هنا كانت مشكلة الديون المتعثرة ذات شقين فتعثر المتعاملين مع المصارف سبب وعلة في تعثر هذه المؤسسات المالية والمصرفية ولا شك أن طبيعة عمل المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية وأساليب وأشكال صيغ التمويل فيها يضفي على المشكلة بعداً آخر جديراً بالبحث والتحليل إذ المصرفية الفقهية الشرعية (الإسلامية) لا تقوم على الإقراض والاقتراض بل تقوم في الأساس على الملكية والتملك مما يخرج بحثه من إطار هذه الدراسة.

هذا ومظاهر التعثر المبكرة تختلف بالنسبة للمشروعات الفردية عنها بالنسبة للمؤسسات مما أوردنا جانباً مهما منه في هذا البحث وضرورة العناية بدراسة وتحليل هذه المظاهر أولاً بأول كي يمكن تحديد "مؤشرات الخطر" واتخاذ الإجراءات الشرعية المناسبة في الوقت المناسب لإصلاح مسار العمل ومعالجة أوجه القصور في "الأداء التشغيلي" ومن ثم حماية أموال البنك ومصالحه.

وعلى ضوء ذلك نقول "بوجوب" تصنيف الديون المتعثرة بحسب أسبابها، فمما لا شك فيه أن ذلك يساعد كثيراً في عدالة الحكم وكيفية المعالجة الصحيحة والرشيدة للمشكلة ومن ثم التمكن من إنزال الحكم الشرعي الصحيح على المسألة.

فليس من تعثر بسبب ضائقة مالية أو عسر بسبب عارض من ضيق ذات اليد كمن أعثر بسبب اللد والمماطل وسوء القصد أو كمن تعثر بسبب جائحة من الجوائح أو بسبب القوة القاهرة أو الظروف المحيطة والعامة وهكذا إلى غير ذلك.

وفي هذا السياق صنفنا أسباب التعثر إلى أربعة مجموعات هي:

١ - مجموعة الأسباب التي ترجع إلى البنك نفسه وعلى رأسها الخلل في "الهيكل المالي" وعدم التناسب في "المزيج التمويلي" و"الانبعاج" فيه:

كأن تمثل صيغة تمويلية معينة أغلب النشاط المالي والاستثماري على حساب سلة المزيج التمويلي المناسبة مما يزيد من نسبة احتمالات الخطر والمخاطرة وما يتطلبه تدارك ذلك من: نظام محكم للضمانات وحسابات دقيقة للمخاطرة ودراية تامة بأحوال السوق وأحوال المتعاملين فيه.

٢ - مجموعة الأسباب التي ترجع إلى المدينين:

يتعين على البنك ابتداء أن يتوقى أسباب التعثر التي ترجع إلى المدينين ببناء منظومة متكاملة من الدراسات الدقيقة للمتعاملين ومشروعاتهم وبخاصة ما يرجع إلى سلامة الإدارة المالية للمشروع وإدارة الإنتاج فيه. ومن أهم الأسباب التي ترجع إلى المدينين أوردنا أربعة أسباب منها هي:

أ- الإعسار:

بما يعنيه من عدم القدرة في الحال على أداء ما ترتب في الذمة من حقوق مالية، وآية الإعسار قال فريق من الفقهاء أنها عامة في كل من كان له قبل رجل معسر حق من أي وجه كان ذلك الحق، وأن المعسر الأخذ منه حلال والصدقة عليه أفضل والنظرة واجبة فالعاجز عن أداء المال لا يجوز تكليفه به وخير الله عز وجل الصدقة على النظرة.

ب- الإفلاس:

المفلس من كان دينه أكثر من ماله وخرجه أكثر من دخله.

ج- المماطلة أو المطل:

وهو تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر أو مع التمكن منه وهو ظلم موجب للعقوبة.

د- جحود الدين وإنكاره:

<<  <  ج: ص:  >  >>