٣ - مدى تجنب المخالفات الشرعية بالترك أيضاً وليس بالفعل أو الإتيان فقط كعدم أخذ الضمانات العينية الكافية وعدم وجود نظام استعلام جيد عن المتعاملين، أما اللجوء إلى "الشرط الجزائي" و"اشتراط التعويض عن الضرر" بسبب تأخر المدين عند من يجيزه واشتراط "حلول باقي الأقساط" فقد لا تفيد إذا توقف المدين عن الدفع بالكلية وعدم وجود مال له إذ لا توفر هذه الاشتراطات مصدراً إضافياً للمال يمكن أن يستوفى منه الدين المتعثر فيه. كل ذلك كان مدعاة للتطرق لوسائل علاج مشكلة الديون المتعثرة، وبداءة نقول: إنه من الصعوبة بمكان التعميم بشأن وسائل العلاج فإذا ثبت لنا أن مشكلة الديون المتعثرة متشابكة الأسباب متداخلة النتائج فإنه يكون من الخلط التعميم بشأن وسائل العلاج، فقد يكون من الأسباب ما لا شأن للمدين به على نحو ما سبق وقد يشترك البنك مع المدين في حدوث المشكلة وقد تتواطأ عدة أسباب في إحداثها ولا شك أن تحديد الأسباب المؤثرة في حدوث المشكلة يترتب عليه إمكانية تحديد الالتزامات المترتبة على كل حالة بعينها.
وعلى ضوء "تحليل المركز المالي" والنقدي للمدين يمكن تقسيم الديون المتعثرة إلى حالات يمكن معالجتها وحالات ميؤوس منها، والحالات التي يمكن معالجتها تمثل حالات العسر المالي المؤقت الذي يقوم فيها البنك بمد يد المساعدة للمدين مثل تأجيل سداد الديون الحالية أو تقديم مساعدة مالية وهذا كله عبرت عنه الآية الكريمة:{وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٢٨٠] فالعسر هو ما يسفر عنه "تحليل المركز المالي" والنقدي للمدين وأنه يستوجب النظرة، وخيرية الصدقة على النظرة درءاً للآثار السيئة والضارة بكل من الدائن والمدين إذ قد يثير التشدد في اتخاذ الإجراءات إلى إثارة الرعب في نفوس المتعاملين مع البنك واختلاف ثقتهم فيه ومن ثم انحدار سمعته فضلاً عن أن البنك قد لا يحصل على كامل حقه إذ لم تكف أموال التصفية للمدين بل إنه يجوز للبنك أن يقدم قرضاً للمدين لما قاله ابن قدامة في المغني (٤/ ٢١٣): "ولو أفلس غريمه فأقرضه ألفاً ليوفيه كل شهر شيئاً معلوماً جاز لأنه إنما انتفع باستيفاء ما هو مستحق له" وقال الحطاب (تحرير الكلام في مسائل الالتزام): "إذا قال له إن غرمائي يلزمونني بدين فأسلفني أقضيهم فقال نعم يلزمه ذلك ويحكم به عليه وهو جار على القول بلزوم إذا كانت على سبب وإن لم يدخل بسببها في شيء".
المعالجة المحاسبية السائدة في هذا المقام تقوم على طريقتين هما:
• طريقة تكوين مخصص للديون المقدر عدم تحصيلها مستقبلاً على أن تعتبر تلك الخسائر المتوقعة كمصروفات في الفترة التي يتم فيها البيع (باعتبار أن السياسة المتبعة هي البيع على الحساب) بما يترتب عليه قياس صافي الربح أو الخسارة بطريقة تعكس التوقعات عن الخسائر المحتملة.
• طريقة الخصم المباشر من حساب العملاء.
ومن الوسائل العلاجية والمقررة فقها:
• في حالة المماطلة: قضاء الحاكم دين المدين من ماله جبراً.
• في حالة البيع: تمكين الدائن من فسخ العقد واسترداد المبيع أو المشاركة في ملكية السلعة المبيعة على المدين بما يعادل الجزء المتبقي من ثمن السلعة ويكون البائع حينئذ شريكا للمشتري بحصته.