للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٧ - نصب المقوم قد يكون من قبل الحاكم، وقد يكون من قبل غيره من الناس ممن له علاقة بالأمر كالمتنازعين، وقد يأتي المقومون من تلقاء أنفسهم إلى الحاكم، وقد يتولى الحاكم التقويم بنفسه، وقد يتولى الغارم نفسه التقويم في بعض الحالات إذا كان عدلاً خبيراً. ومن ذلك تقويم الشخص عروض تجارته لإخراج زكاتها، وتقويم قاتل الصيد في الحرم، أو حال الإحرام جزاء الصيد الذي قتل، إذا لم يتعمد قتله عالماً بتحريم ذلك عليه، دون حاجة إليه.

٤٨ - يشترط في المقوم ما يأتي:

١. العدد: فلا بد من اثنين ولا يكفي واحد؛ لأن التقويم من قبيل الشهادة. إلا إذا كان الشيء المراد تقويمه ليس ذا شأن كبير في عرف الناس فلا بأس بالاكتفاء بمقوم واحد؛ لأن في اشتراط العدد في هذه الحالة نوعاً من الحرج.

٢. الخبرة.

٣. العدالة.

٤. انتفاء الغرض.

٤٩ - إذا اختلف المقومون فيما يتعلق بتقويمه حد؛ فقومه بعضهم بما يبلغ النصاب، وقومه البعض الآخر بما دونه لم يثبت الحد، سواء كان الاختلاف بين مقوم ومقوم، أم بين أكثر من ذلك؛ لأن اختلافهم هذا شبهة يدرأ بها الحد.

٥٠ - إذا اختلف الغارم والمغروم له في قيمة الشيء المغروم ولا بينة لأحدهما فالقول قول الغارم بيمينه، لأن الأصل براءة ذمته، فلا يلزمه ما لم يقم عليه به حجة. وذلك بشرط أن يذكر قيمة لائقة بالمغروم يمكن أن تكون قيمة له في العرف، فإن ذكر قيمة غير لائقة فإنه يجعل القول في القيمة للمالك بيمينه بالشرط نفسه (وهو أن يذكر قيمة لائقة) فإن ذكر قيمة غير لائقة فإنه يجعل القول في القيمة للمقومين.

٥١ - إذا اختلف المقومون فيما لا يتعلق بتقويمه حد فينظر: إن كان الخلاف بين مقومين اثنين فإنه يؤخذ بالأقل. وأما الزيادة فلا يكتفي فيها بقول الواحد؛ لاشتراط العدد في المقوم. فإن أراد المالك أن يحلف عليها مع الشاهد بالأكثر فله ذلك، ويستحقها. وإن كان الخلاف بين مقومين اثنين، ومقوم واحد فإنه يؤخذ بقول الاثنين؛ لأنهما نصاب لا يعارض قول الواحد. أما إن كان الخلاف بين اثنين واثنين، أو ثلاثة وثلاثة ... إلخ فينظر: إن أمكن ترجيح فريق منهم على سواه بزيادة خبرة فيؤخذ بقول الأكثر خبرة، وإن لم يمكن ذلك فيؤخذ بقول الأكثر عدداً؛ فإن تساووا في العدد فإنه يؤخذ بقيمة وسط. والمراد بالوسط هنا ما يسمى بالمعدل؛ وهو ناتج قسمة مجموع الأعداد التي قيل بها على عدد الأقوال. وهذا الحكم شامل لاختلاف مقومي الأعيان، واختلاف مقومي المنافع.

٥٢ - التقويم اجتهاد ظني، ولكنه من الظنيات التي دل الدليل على اعتبارها، وأذن الشرع بالعمل بها؛ لمسيس الحاجة إلى ذلك، وهو بدل في العلم كالقياس مع النص.

٥٣ - إذا تم التقويم المعتبر فإنه يترتب عليه أحكام تختلف بحسب اختلاف الغرض المراد منه. فمثلاً: إذا كان المراد من التقويم معرفة وجوب الزكاة في عروض التجارة من عدمه، ومقدار الواجب – في حال الوجوب- فإنه يتبين بعد التقويم: إن كانت قيمة العروض قد بلغت النصاب فتجب فيها الزكاة، أو لم تبلغه فلا زكاة فيها. ثم إذا علم بالتقويم بلوغها النصاب، ووجوب الزكاة فيما يعلم به – أيضاً- مقدار ما يجب إخراجه بحسب النسبة المفروضة (وهي ٢.٥% من القيمة). وإذا كان المراد من التقويم معرفة الجزاء الواجب بقتل الصيد في الحرم، أو حال الإحرام؛ ليخرج جزاءه فإنه يتبين بعد التقويم مقدار القيمة، وحينئذٍ يجب إخراج الجزاء بهذه القيمة.

وإذا كان المراد من التقويم معرفة قيمة شيء من أموال الآخرين قد استحق ضمانة بسبب إتلاف، أو نحوه فإنه بعد حصول التقويم المعتبر يستحق صاحب المال المتلف القيمة من متلفه، ويلزم المتلِف بدفعها إذا طلب صاحب المال المتلف ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>