الثاني: أن يكون المصرف مقترضاً، فحينئذ يجوز له أخذ العمولة مقابل الخدمة التي قدمها، أما تبرعه بالخدمة وتقديمها بدون عمولات في حال كونه مقرضاً، فإنه يفرق فيه بين نوعين من التبرع:
النوع الاول: أن يكون التبرع مشروطاً في القرض، فحينئذ يجوز للمصرف التبرع بالخدمات المتعلقة بالوفاء والاستيفاء؛ ما لم تكن المنفعة في التبرع بها متمحِّضة للمقرض، أو يكن نفعه أقوى. ولا يجوز التبرع بالخدمات التي لا تتعلق بالوفاء والاستيفاء؛ إلا إذا كانت المنفعة في التبرع بها متمحِّضة للمقترض، أو كان نفعه أقوى.
النوع الثاني: أن لا يكون التبرع مشروطاً في القرض، فإن كان بعد الوفاء: جاز، أما إن كان قبل الوفاء: فينظر إلى سبب التبرع، فإن كان سببه القرض: فحكم التبرع بها كحكمه في النوع الأول، وإن لم يكن سببه القرض فلا بأس بالتبرع بها.
٧ - العمولات التي تؤخذ مقابل الضمان لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون مقابل دفع المبلغ للمستفيد: فلا يجوز أخذها.
الحالة الثانية: أن تكون مقابل نفقات الضمان والخدمات المقدمة معه: فإن دفع المصرف مبلغ الضمان من ماله فاجتماع الأجر على الخدمة مع الضمان كاجتماع الإجارة مع القرض، فإن كانت الخدمة مشروطة في الضمان: لم تجز الزيادة في الأجر على التكلفة الفعلية للخدمة.
أما إذا لم تكن مشروطة في الضمان، أو دفع المصرف مبلغ الضمان من مال العميل: فيجوز للمصرف حينئذ أن يتقاضى أجر المثل عن الخدمة التي يقدمها مع الضمان.
٨ - يشترط في العمولة المصرفية ما يأتي:
أ- أن تكون مالاً متقوماً، سواء كانت عيناً أو منفعة.
ب- أن تكون مملوكة ملكاً تاماً لمن يدفعها أو مأذوناً له فيها.
ج- أن تكون مقدوراً على تسليمها.
د- أن تكون معلومة؛ فلا تصح أن تكون مجهولة، ويصح أن تكون مبهمة بحيث تحتمل زيادة الأجر أو نقصانه.
هـ- أن تكون مقابل خدمة حقيقية يجوز تقديمها.
وأن لا يترتب على أخذها فائدة ربوية، أو محذور شرعي.
٩ - يصح تقدير العمولة بمبلغ مقطوع، كما يصح تقديرها بمبلغ نسبي إذا لم تكن العمولة مما يجب تقييدها بالتكلفة الفعلية.
١٠ - الأصل في التسعير هو الحرمة؛ إلا إذا وجد ما يستدعي للتسعير من وجود ضرر على الناس، أو تلاعب التجار بالأسعار، أو وقوعهم في الحرام، كما هو حال المصارف اليوم؛ لذا على الجهات المشرفة على المصارف السعي إلى تسعير الخدمات المصرفية على وجه التفصيل، والإلزام بتقديم الخدمة بأجر المثل عند اجتماعها مع القرض على غير سبيل المشارطة، أو مع المضارة على سبيل المشارطة.
١١ - إذا لم يُسمِّ المصرف عمولة للخدمة التي نفذها؛ فإنه يستحق أجر المثل إذا جرت الشبكات المالية للمصارف.
١٣ - يُعدُّ المصرف في عقد فتح الوديعة الجارية مقترضاً، ويترتب عليه ما يأتي:
أ- يجوز للمصرف أخذ العمولات عن أجور خدمات تلك الودائع.
ب- كما له التبرع بتلك الخدمات لعموم العملاء، أو اشتراط وصول رصيد العميل لمبلغ معين للتبرع بالخدمة متى ما كان النفع في تقديم الخدمة متمحِّضاً للمصرف، أو كان انتفاعه أقوى من انتفاع العميل أو مساوياً له؛ كما في إصدار بطاقة الصراف الآلي، ودفتر الشيكات، وفتح الحساب، ونحو ذلك.
ج- إذا كان النفع في تقديم الخدمة متمحِّضاً للعميل، أو كان نفعه أقوى، فينظر في هذا التبرع: فإن كان مشروطاً في العقد لم يجز، وإن لم يكن مشروطاً جاز إذا جرت عادة المصرف بالتبرع بالخدمة، ولم يكن التبرع من أجل القرض.