٤٣ - القمار وثيق الصلة بالغرر لما في كل واحد منهما من المخاطرة والإقدام على أمر تخفى عاقبته ويجهل المرء مآل حاله فيه، ولما يحصل بسببهما من العداوة والبغضاء والخصومة والجدال، إلا أن القمار أخص من الغرر؛ لأن من شرطه أن يكون كل داخل فيه على احتمال أن يخرج منه غانماً أو غارماً، وليس هذا الأمر مطرداً في الغرر.
ثم إن معنى القمار في المغالبات أوضح من معنى الغرر غالباً، كما أن معنى الغرر في العقود أوضح من معنى القمار غالباً.
٤٤ - ذكر جماعة من العلماء جملة غير قليلة من العقود يدخلها القمار، وقد تبين من خلال البحث أن معنى القمار في بعضها أوضح منه في بعضها الآخر، كما تبين أنه لم يكن مرادهم بهذا القول أن يكون العقد مطابقاً للقمار من كل وجه؛ بل اعتبروا اتحاد العلة ومناط الحكم حيناً، والمشابهة في العناصر الجوهرية والحكم المرعية حيناً آخر.
٤٥ - القول بأن التأمين التجاري ضرب من ضروب القمار ظاهر الوجاهة؛ لما فيه من المخاطرة التي يعلق خروج كل طرف فيها غانماً أو غارماً على أمر تخفى عاقبته، ولما فيه من الغرم بلا جناية أو تسبب فيه، ومن الغنم بلا مقابل أو مقابل غير مكافئ، فهو إن لم يكن عين القمار فإن المعاني الجوهرية في القمار موجودة فيه، فهو غير خارج عن معناه.
٤٦ - البورصة: اجتماع مالي يقام في أماكن معينة وفي أوقات دورية، وتعقد فيه صفقات البيع والشراء في الأوراق المالية والحاصلات الزراعية والمنتجات الصناعية وفق نظم معينة.
٤٧ - تجرى في البورصة بيوع وهمية يبيع فيها الإنسان ما لا يملك، ويؤجل فيها تسلم الثمن والمثمن إلى موعد قادم يسمى بيوم التصفية، ثم يؤول الأمر في عامة هذه العقود إلى مجرد أخذ فروق الأسعار بين يوم البيع ويوم التصفية، إما لمصلحة البائع عند هبوط السعر، أو لمصلحة المشتري عند ارتفاعه دون تسلم ثمن أو تسليم مثمن.
وهي عقود باطلة؛ لما فيها من بيع الإنسان ما لا يملك ومن بيع الدَّين بالدَّين، ولأنها تفضي إلى ربح ما لم يضمن، وتعلق فيها العقود على أمور مستقبلية، ولما فيها من المخاطرة الوهمية على ما سيؤول إليه الأمر من صعود السعر أو هبوطه دون معاوضة حقيقية، فهي في معنى القمار ولها حكمه.
٤٨ - تجري في البورصة عقود على حق اختيار البيع والشراء؛ بحيث تثبت هذه العقود التزاماً من بائع الحق، يتعهد بموجبه مقابل ثمن معين أن يمكن المشتري من شراء السلعة في المدة المحددة بالثمن المحدد، ويمنعه من أن يبيعها على غيره ولو حصل له ما حصل من الربح، كما تثبت هذه العقود حقاً لمشتري الحق فله أن يأخذ السلعة بالثمن المحدد في أي وقت من المدة المحددة.
وهي عقود باطلة لما فيها من الاعتياض عن حقوق مجردة محضة لم يعهد في الشريعة ما يدل على تقويمها وأخذ الأعواض عنها، ولما فيها من المخاطرة حيث يعلق إجراء البيع أو الشراء فيها بالثمن المحدد حالاً على ما لا يعلم مآله من ارتفاع الأسعار أو انخفاضها، فصارت في معنى القمار، ولما تجر إليه من المفاسد كحبس السلع وعدم تمكين أصحابها من التصرف فيها وتحويل الناس إلى معاملات صورية يربحون ويخسرون فيها من جراء تعاملات وهمية كالقمار سواء بسواء.
٤٩ - المؤشر هو معدل أوسطي يستعمل للدلالة على حالة السوق وحجم التغير فيه. ولا يجوز بيعه وشراؤه لما في ذلك من المقامرة.
٥٠ - اليانصيب ضرب من ضروب القمار؛ لأن حقيقته مخاطرة يسهم فيها عدد كبير من الناس في جمع مبلغ كبير من المال رجاء تحصيل قسط كبير منه، ويميز المستحق له من بين جميع المشاركين بواسطة القرعة أو أي طريقة تعتمد على الحظ والمصادفة وهذا، هو القمار بعينه.
ولا يصح أن يجعل صرف بعض أمواله في وجوه الخير مسوغاً للترخيص فيه.
٥١ - الحوافز المالية في المحلات التجارية قسمان:
أ- ما يعلق استحقاق جائزة معلومة فيه على الشراء لا على القرعة ونحوها مما يعتمد على الحظ والمصادفة.
فهذا القسم ليس من القمار في شيء؛ لأن كل واحد من المتعاقدين قد دخل على بينة من أمره وعلم بمقدار ما سيأخذ وما سيعطي فلا مخاطرة ولا غرر.
وإن كان الأولى بالباعة أن يجعلوا قيمة الجوائز تخفيضاً حقيقياً في سعر السلع لئلا يلجئوا الناس إلى شراء أشياء ليسوا بحاجة إليها، ولئلا يكون ذلك وسيلة إلى التخلص من البضائع الكاسدة بربطها بالبضائع الرائجة فيأخذها الناس على غضاضة.
ب- ما يعلق استحقاق الجائزة فيه أو تحديدها على أمر احتمالي تجهل عاقبته، كالذي تخرجه القرعة ونحوها مع شرط الشراء لشيء معين أو بمقدار معين.
فهذا القسم منه ما هو قمار محض، ومنه ما هو ذريعة ظاهرة إلى القمار.