خامساً: عبارات الأقدمين من الأصوليين مغلقة مقفلة، ربما تناسب عصرهم أما وقد فترت الهمم، واختلف النظر، وأصبح الشرح والتطويل والإسهاب سمة الكاتبين في هذا العصر، فإني لا أجد بداً من القول: بأنه لا بد من أن تقوم طائفة من الكتاب والمؤلفين المحدثين بشرح قواعد أصول الفقه شرحا بسيطا يكون في متناول الجميع وهذا لا يعني دعوة مني إلى نبذ كتب السلف والخروج عن عباراتهم، بل إني أؤكد أن في تصانيفهم البركة كلها والخير كله، والعلم النافع، وربما لا يستطيع باحث في بعض المواقف أن يأتي بعبارة أفضل صيغة مما صيغت به من قبل السلف، وهذا ما واجهته بنفسي خلال إعداد بحثي، حيث استخدمت في كثير من الأماكن عبارات الأصوليين بنفسها، لأني وجدت في الخروج عنها تضييعاً للدليل وسلامته، ولم أكن بدعا في ذلك بل إن الأقدمين أنفسهم يستخدم اللاحق منهم عبارة السابق متى ما وجدها سهلة، إلا أني في هذه الدعوة أود أن ألفت أنظار الباحثين في هذا العصر إلى أن يجعلوا من هذا العلم ملجأ لجميع من يتحرى الدقة في أحكام القواعد التي يريد وضعها وفي مقدمة هؤلاء الناس واضعوا قواعد القوانين والأنظمة التي هي أساس تعايش الأمم بأمن وسلام، ولا يتحقق ذاك إلا بإبراز هذا الفن بشكل يفهمه المبتدئ قبل المنتهي، وبذلك نكون قد قدمنا للشريعة الإسلامية خدمة ليس بعدها خدمة.
وأخيراً أدعو الله تعالى مخلصاً أن يوفق الجميع لما فيه خدمة الإسلام والمسلمين، وأن يكلأ والدينا ومعلمينا وأساتذتنا وشيوخنا وجميع أصحاب الحقوق علينا بواسع رحمته في الدنيا والآخرة، والله ولي التوفيق.