دعك عن محادة تولي المرأة للإمامة الكبرى لله ورسوله، ومخالفة هذا الأمر لصريح القرآن والسنة وهتكه للإجماع. أليس من واجب الإمام والحاكم أن يؤم الناس في الصلاة المكتوبة وفي العيدين والكسوف ونحو ذلك؟ هذا بجانب قيادة الجيش وكثرة الأسفار وعقد العهود والمواثيق وحضور المؤتمرات والاختلاط بالرجال الأجانب وغير ذلك، من الأمور التي لا يأبه بها كثير ممن لا خلاق لهم من الرجال والنساء، والتي يخالفون فيها النصوص الشرعية الصريحة الصحيحة، فكيف يحق لها مثلاً أن تصلي إمامة ولو للنساء ولم يجز الأحناف إمامة المرأة للنساء ولو وقفت وسطهن لا في فريضة ولا نافلة؟.
وكما قال العلامة ابن القيم فالعجب كل العجب لمن يمنع المرأة من أن تؤم النساء في الصلاة مع ورود النصوص بجواز ذلك، ويجوز لها تولي القضاء في الأموال مع ورود النهي عن ذلك، فأي الأمرين أكثر خطراً وضرراً؟ هذا بجانب المخالفة الصريحة للنصوص؟.
وأحسن ما يقال لهؤلاء ما قاله الصحابي الجليل ابن عمر رضي الله عنهما لبعض من سأله من أهل العراق عن نجاسة دم البعوض!! فقال له عبدالله: عجبت لكم يا أهل العراق تقتلون ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتحرجون من دم البعوض؟!!.
والخلاصة فإن مسألة تولي المرأة للإمامة الكبرى والقضاء والحكم ليس لها مستند شرعي ولا عقلي ولا عرفي، ولكن مستندها الأول والأخير هو تقليد الكفار والتشبه بهم والسير على طريقهم، طريق المغضوب عليهم والضالين الموصل إلى سواء الجحيم.
وليتذكر المسلمون قبل غيرهم أن الله عز وجل لا تنفعه طاعة المؤمن كما لا تضره معصية الكافر كما جاء ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل:" ... يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً .. يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله عز وجل ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وأخيراً أرجو أن أكون قد وفقت لبيان حكم الشرع في مسألة تولي المرأة الإمامة الكبرى، والحكم، والقضاء، وذلك بذكر الأدلة الشرعية وأقوال أئمة الفتوى سلفاً وخلفاً وبدحض بعض الشبه التي تثار في هذا الأمر {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}{مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا} والله أسأل أن يوفق جميع المسلمين لما فيه خيرهم وصلاحهم في دينهم وأن يجنبنا وإياهم الزلل وأن يلهمنا وإياهم الرشاد وصلى الله وسلم وبارك على خير خلق الله أجمعين وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين.