ومثال السابع: وهو ما إذا كان كل من القولين مشهوراً لستر العورة في الصلاة فإن القول باشتراطه للذاكر القادر شهره ابن عطاء الله قائلاً هو المعروف من المذهب والقول بعدم اشتراطه شهره ابن العربي وإليه أشار الشيخ خ بقوله هل ستر العورة إلى قوله خلاف وكذا نضح الجسد أو غسله لمن شك في إصابة النجاسة له فإن القول بالنضح شهره ابن شاس وابن الحاجب والمازري والثاني شهره ابن رشد وابن عرفة وإليه أشار خ بقوله وهل الجسد كالثوب أو يجب غسله خلاف وكذا من عجز عن الموالاة عجزاً حقيقياً فإنه اختلف فيه على قولين مشهورين هل يبني إن طال وهو الذي اختاره الحطاب وجزم به اللخمي وحكى ابن هارون الاتفاق عليه وصرح ابن بزيزة بأنه المشهور وكذا صرح ابن جزي في قوانينه بتشهيره والذي حرره الشيخ مصطفى أن العاجز عجزاً حقيقياً لا يبني مع الطول وهو ظاهر المدونة وعليه حملها الباجي وابن يونس وعبدالحق والونوغي والمشذالي وجزم به ابن الجلاب والقاضي عبدالوهاب في التلقين ورجحه الفاكهاني وابن العربي والعجز الحقيقي هو أن يكره على تفريق الطهارة بما يعد إكراهاً شرعاً أو بعروض مرض له في الأثناء منعه من إتمامها ولم يجد منا ولا أواعد من الماء ما جزم بأنه يكفيه فأهرق له أو غصب منه أو أهرقه هو من غير قصد وتبين أنه لا يكفيه فهذه الأمثلة كلها من العجز الحقيقي ومفهوم قولنا إن طال أنه إذا عجز عجزاً حقيقياً ولم يطل فإنه يبني اتفاقاً وأما غير الحقيقي فإنه يبني مع القرب دون الطول اتفاقاً والطول هو مقدار ما تجف به الأعضاء المعتدلة في الزمان المعتدل مثاله ما إذا أعد من الماء ما ظن أنه يكفيه فعجز ماؤه.
ومثال الثامن: وهو ما فيه قولان راجحان تأخير الصلاة عن وقتها الاختياري إلى الضروري فقيل ذلك حرام وهو الذي مشى عليه خليل في قوله وأثم إلا لعذر وقيل مكروه فقط وهو مأخوذ من قول المصنف أيضاً والكل أداء فإن العلماء قالوا أن الأداء لا يجتمع مع الإثم ودليل الأول قوله صلى الله عليه وسلم " من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى باباً من أبواب الكبائر " وقوله " من فاتته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله " ودليل الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة " فإنه قد أخذ منه العلماء أن من أدرك ركعة في الوقت الضروري فكأنه أدرك جميع الصلاة في الوقت فلا إثم عليه حينئذ وإنما الإثم إذا أوقعها كلها خارجة الوقت وقد بسط الكلام على هذه المسئلة أبو حفص الفاسي في تقييد له فيها وانفصل على القول بالكراهة والله أعلم.
ومثال التاسع: وهو ما إذا كان كل من القولين مشهوراً وراجحاً وقت صلاة الصبح فإن الذي مشى عليه خ أن مختارها من طلوع الفجر إلى الإسفار أي الضوء وضروريها من الإسفار إلى طلوع الشمس حيث قال وللصبح من الفجر الصادق وإلى الإسفار لا على قال الزرقاني وما اقتصر عليه المصنف هو رواية ابن القاسم وابن عبدالحكم ومذهب المدونة وقال ابن عبدالسلام أنه المشهور وقيل أن مختار الصبح يمتد من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وهو رواية ابن وهب في المدونة والأكثر وعزاه عياض لكافة العلماء وأئمة الفتوى قال وهو مشهور قول مالك وابن عبدالبر وعليه الناس وهو المتبادر من الرسالة وابن العربي ولا يصح عن مالك غيره فعلى هذا القول لا ضروري لها اهـ كلام الزرقاني.