للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال العاشر: وهو ما إذا كان كل من القولين لا ترجيح فيه ولا تشهير التطهير بالماء المجعول في الفم الذي أشار له خ بقوله وفي التطهير بماء جعل في الفم قولان ثم اعلم أن الخلاف إما يكون حقيقياً أو لفظياً أو في حال أو في شهادة أو معنوياً والفرق بينها أن الخلاف اللفظي هو الراجح إلى اللفظ والتسمية مع الاتفاق في المعنى كان يقول الشافعي الوتر مستحب ويقول مالك هو سنة لا مستحب مع اتفاقهما على أنه ليس بواجب وأنه مؤكد فوق غيره من المندوبات فهذا الخلاف إنما هو في تسمية الوتر مستحباً لأنه محبوب للشارع ويقول المالكي لا لمحبوبيته ولكني أميزه باسم السنة لأنها طريقة داوم عليها النبي صلى الله عليه وسلم فيقول الشافعي أنا أسلم لك أنه طريقة ولكن كل محبوب فهو طريقة مشروعة فالسنة والمستحب عندي مترادفان ويقول المالكي هما عندي متباينان يحصل التمييز بين أقسام المندوب وينعكس القولان في صلاة الضحى فالشافعي يسميه سنة والمالكي لا يسميه بها ومثاله في كلام المؤلف أي خ الخلاف الذي حكاه في إزالة النجاسة هل هي واجبة أو سنة فإن المعتمد كما في الحطاب أن الخلاف بين الوجوب والسنية لفظي ويقابل الخلاف اللفظي الخلاف المعنوي وهو الكثير وقوعاً عند الفقهاء وهو ما كان راجعاً إلى المعنى والحكم كالخلاف في جعل الموافق كالمخالف في حكمه وعدم جعله مثله فيه وأما الخلاف في حال فهو الذي يراعي فيه أحد القائلين أمراً يعتقد أنه الواقع في نفس الأمر ويراعي القائل الآخر ضده معتقداً أنه الواقع في نفس الأمر فينبني على ذلك اختلافهما في الحكم وذلك حيث يكون الحكم عليه محتملاً لوصفين متضادين يقتضي كل منهما حكماً يخالف ما يقتضيه الآخر كاختلاف العلماء في طهورية الماء الذي يسقط فيه عود صلب من الطيب فأخرج مكانه وتغير ريح الماء فرجعه كما نبه عليه المازري إلى حال العود هل يمكن عادة انفصال أجزاء منه تخالط الماء فيكون مضافاً أو لا يمكن انفصال أجزاء منه تخالط الماء فيكون تغييره بالمجاورة فقط فيكون غير مضاف والظاهر أن منه الخلاف في مسئلة دهن لاصق كما تقدم وكالاختلاف في مسئلة عدم صحة التطهير بماء جعل في الفم أو صحته فهو راجع إلى الاختلاف في حال هذا المحكوم عليه أعني الماء هل ينفصل عن الفم سالماً أو مغيراً بالريق فلو اتفقا على إحدى الحالتين بأن رأى أحدهما أن الواقع من حال الماء هو ما رآه مقابله لوافقه في الحكم.

وكذلك الاختلاف في بعض البلدان هل يجوز بيع دورها أم لا فإنه راجع إلى الخلاف في حالة فتحها هل فتحت عنوة أو صلحاً وأما الخلاف في شهادة فهو الذي لا يتوارد فيه القولان على محل واحد كاختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما في البسملة أهي آية في أوائل السور أم لا فمالك يقول لا وذلك باعتبار ما شهره من قراءة شيخه نافع بدونها والشافعي يقول نعم هي آية وذلك باعتبار ما شهره من قراءة ابن كثير فكل منهما مصيب باعتبار ما ذكر هكذا قرر بعض العلماء هذا الخلاف في البسملة ذلك في الكلام عليها ومثاله في كلام المؤلف قوله في مفوتات البيع الفاسد وبطول زمان حيوان إلى قوله بل في شهادة بيانه أن المحل الذي قال فيه الشهر فوت هو باعتبار حيوان يتغير في تلك المدة كالجذاع والخرفان والمحل الذي قال فيه الشهران والثلاثة ليست بفوت هو باعتبار حيوان لا يتغير في تلك لمدة كالثيرة والبعران.

وأما الخلاف الحقيقي فهو مقابل للخلاف اللفظي والخلاف في حال والخلاف في شهادة فإذا لم يرجع الخلاف إلى التسمية وإلى الخلاف في المحكوم عليه وتوارد على محل واحد فهو الحقيقي اهـ من العلامة الهلالي بمعناه وقوله كاختلاف مالك الخ ليس بصواب والصواب كما قال ابن عبدالسلام الفاسي وسيدي إدريس البدراوي نفعنا الله بهما أن الخلاف بين مالك والشافعي حقيقي نشأ عن الاجتهاد انظر بَسْط ذلك في حاشيتنا على شرح العلامة ابن كيران نجانا الله وإياه من النيران والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب اللهم إنا نسألك التوبة ودوامها ونعوذ بك من المعصية وأسبابها سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

حمداً لمن فقه في دينه من اصطفاه من عباده والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الفائزين بامداده أما بعد فقد تم طبع هذه الرسالة الجميلة الحاوية للمحاسن الجليلة الموسومة برفع العتاب والملام عمن قال العمل بالضعيف اختياراً حراً تأليف خلاصة السادة الأشراف صفوة بني عبد مناف العلامة الأفضل والفهامة الأمثل فريد العصر ذي الفخر السني سيدي محمد بن قاسم القدري الحسني لازالت إطلال العلماء ببقائه معمورة وآمال الفضلاء على مكارمِهِ مقصورة وكان تمام طبعها الباهر وكما شكلها الزاهر بالمطبعة العامرة التي هي للقطب الدردير مجاورة المملوكة لذي المعارف والوفا حضرة محمد أفندي مصطفي في أواخر شهر شعبان سنة ١٣٠٨من هجرة سيد ولد عدنان صلى الله وسلم عليه وعلى آله وكل منتسب إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>