للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتذكر قول عبدالله بن مسعود ?: "الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في البدعة". ورحم الله سفيان الثوري القائل: "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية". وهذا كلام فيه حكمة بليغة، لأن صاحب المعصية كالذي يشرب الخمر مثلاً، إن وجهت له نصيحة ورغبته في التوبة، وأخفته من عاقبة المعصية، غاية ما يعترف به أنه مقصر ومذنب، ويطلب منك أن تدعو له بالهداية، وأما صاحب البدعة إن بينت له أنه على خطأ، فغنه يعاديك، ويقاتلك من أجل بدعته لأنه يعتقد أنه على دين وصراط مستقيم، لذا قد يظل على بدعته إلى أن يموت. فالدين - بارك الله فيك - يثبت بالدليل لا بالتشهي والرغبات والأهواء، ورحم الله من قال:

دين النبي محمد أخبار ... نعم المطية للفتى الآثار

لا ترغبن عن الحديث ... فالرأي ليل والحديث نهار

ولربما جهل الفتى أثر ... والشمس بازغة لها أنوار.

وأختم نصيحتي لأحبتي، بوصية عظيمة وأوصى بها محمد ? أصحابه في آخر أيامه فعن العرباض بن سارية ? قال: "صلى بنا رسول الله ? ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟. فقال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".

هذا ما نصحت به، وأدعو الله - سبحانه - الهداية والثبات على الحق لكل مسلم موحد، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب أبو عمر عبدالله بن محمد الجونم الحمادي

دولة الإمارات - الشارقة حرسها الله

وانتهت المراجعة: غرة رجب ١٤٢٠هـ الموافق: ١٠/ ١٠/١٩٩٩م

والحمد لله رب العالمين

<<  <  ج: ص:  >  >>