الخامس: وهو قرينة لرواية خيثمة وعزرة. حديث أسماء – رضي الله عنها – ومن خرجه وأنه حسن لذاته.
فهذه خمسة أدلة: لرد هذه الزيادة.
وذكر إجابات عدة على فرض الثبوت – عن هذه الزيادة -.
وذكرت الحديث الثاني: حديث ابن عباس وصحته، والرد على ابن الجوزي في إدخاله في الموضوعات، وإجابات أهل العلم عنه. وأنه ليس صريحاً في الدلالة.
وسقت الأدلة على التحريم بعد ذلك (أربعة عشرة حديثاً) وهي ما بين موضوع وضعيف جداً ومنكر لا يصح بعضها أن يشد بعضاً. وذكرت خلاصتها.
ومن هم القائلون بالنهي من الصحابة فمن بعدهم حتى عصرنا الحاضر مع تخريج آثار الصحابة، وأن القائل بالنهي من الصحابة هو: أبو هريرة فقط. مع أن السند لا يصح إليه، وأما التابعون فبلغوا (خمسة) وهم قلة، ورأي أصحاب المذاهب الأربعة، وأن الجمهور على جوازه، وقلة منهم قال بالتحريم، وأن من مواطن الاتفاق: المجاهد، ومن صبغ للغش والخداع. فالأول: جائز. والثاني: محرم.
وما عدا هاتين الحالتين: هي التي وقع فيها الخلاف.
بعد ذلك سقت أدلة القائلين بالجواز، وأوجه استدلالهم وبلغت (عشر أحاديث) كلها صحيحة عدا (السابع والعاشر) وذكرت أن المانعين أجابوا بجوابين: النسخ، وقد رد هذا القول، والتقييد أو الخصوص.
وذكرت من قال بالجواز من الصحابة فبلغوا (عشرة) صح منها (سبعة).
وتوقفت في الحكم على أثر (عمر وعثمان – رضي الله عنهما-) لعدم اطلاعي على رجال إسنادهما.
وذكرت (ثلاثة وثلاثين) من التابعين فمن بعدهم إلى وقتنا الحاضر، فمن قال بالجواز. ومن ألف في جواز ذلك.
وبعد هذا العرض الموجز: الذي أدى إليه اجتهادي في هذه المسألة، بعد عرض أدلة الطرفين: أن الخضاب بالسواد جائز لا شيء فيه، وأن هذا ما دل عليه الدليل، وعضده أقوال الصحابة فمن بعدهم، غير أن الشيخ الكبير رأى – وهو مجرد رأي – أن لا يتصابى عملاً بقول ابن شهاب المتقدم، والقول بالتحريم صعب جداً. إذ التحريم أشد من التحليل، فالإباحة لا تحتاج إلى دليل في أمور المعاملات والعادات ونحوها، بخلاف التحريم.
ولا يقولن قائل: الخروج من الخلاف أو الأحوط هو المنع.
فهذه القاعدة ليست على إطلاقها، وليس كل من طلب العلم جاز له الفتوى بها والعمل، أو التلفظ، لا يقولها: إلا من أدرج السنة بين عينيه وأحاط بأقوال العلماء وأدلتهم، ومنزعهم في كل دليل.
والأحوط والواجب في دين الله: ألا يقول أحد هذا حرام إلا بدليل صريح صحيح، غير معارض، وإلا فأين نحن من قوله: ( .. وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون).
سقت هذا الكلام لأن بعضاً من طلبة العلم: يسوقون القول الآنف الذكر، أو القاعدة على أنه دليل قطعي، قاطع للنزاع، دون ذكر الدليل من الكتاب أو السنة، أو أقوال الصحابة أو التابعين، في أي مسألة كانت.
أخي الكريم:
هذا ما خطه القلم، وكتبته اليد، وإني لأرجو الله أن ينفع به من نالته يده، وإني لأسأل الله أن يغفر ما زل به القلم، أو طغى به الفكر، إنه حسبي نعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلى بالله العلي العظيم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.