٢٦ - تسليم المطلوبين بين الدول الإسلامية يشبه إلى حد كبير ما كان عليه العمل في العصور الماضية من كتابة القاضي إلى القاضي والذي انعقد الإجماع على مشروعيته.
٢٧ - إن مسألة كتابة القاضي إلى القاضي لها شروطها الخاصة، التي تختلف عن شروط تسليم المطلوبين.
٢٨ - ارتباط الدولة الإسلامية مع دولة إسلامية أخرى بمعاهدات أخرى بتسليم المطلوبين هو أمر مشروع تؤيده النصوص طالما أن كلا الدولتين تحكمان بالشريعة الإسلامية.
٢٩ - يجوز تسليم المطلوبين لدولة إسلامية دون معاهدات سابقة استنادا إلى المعاملة بالمثل أو عملا بمبدأ التعاون الأمني بين الدول الإسلامية.
٣٠ - إن لصلح الحديبية أهمية خاصة في دراسة مسألة تسليم المطلوبين.
٣١ - اختلف الفقهاء في مسألة رد الرجل المسلم إلى دولته الكافرة على أربعة أقوال، والراجح منها – والله أعلم – القول بعدم جواز شرط رد الرجل المسلم في المعاهدات؛ لما فيه من مراعاة عموم الأدلة التي أوجبت علو الإسلام وأهله وعزتهم.
٣٢ - هناك فروق بين مسألة الرد ومسألة التسليم منها: أن الرد هو علاقة بين الدولة الإسلامية والمردود، وصورة ذلك التخلية بين الطالب والمطلوب مع التعريض للمطلوب بسبل الخلاص، وأما التسليم فهو علاقة بين الدولتين، وصورته أخذ المطلوب للطالب مقيدا.
٣٣ - يحرم تسليم المطلوبين المسلمين ونحوهم إلى دولة محاربة، كما دل على هذا القرآن الكريم والسنة الشريفة وعمل الصحابة.
٣٤ - يخضع تسليم المطلوبين الحربيين إلى دولهم إلى ولي الأمر وما يراه لمصلحة المسلمين.
٣٥ - يحرم تسليم المطلوبين المسلمين ونحوهم لدولة معاهدة، كما دل على هذا القرآن الكريم والسنة الشريفة وعمل الصحابة.
٣٦ - يجوز تسليم المطلوبين المعاهدين إلى دولهم على أن يشترط عليهم هذا في عقد الأمان، إلا أنه يمنع من ردهم ارتكابهم جرائم في الدولة الإسلامية إذ ينبغي محاكمتهم عليها فيها (على تفصيل عند الفقهاء بحسب نوع الجريمة).
٣٧ - يجوز اشتراط المال في تسليم المطلوبين غير المسلمين إلى دولهم.
٣٨ - لا يجوز دفع المسلمين المال للكفار مقابل عدم تسليمهم المطلوبين المسلمين في حالة قوة المسلمين، ويجوز ذلك في حال الضرورة وحال ضعف المسلمين.
٣٩ - لا يجوز رد المسلمة أو الذمية المطلوبة إلى دولة غير إسلامية مهما كانت الأسباب وهذا محل اتفاق، إلا حال الضرورة.
٤٠ - من موانع رد المطلوب المسلم – عند بعض الفقهاء – كونه عبدا أو صبيا أو مجنونا أو خنثى، أو ليس له عشيرة تمنعه، وعدم حاجة الدولة الإسلامية للرد.
٤١ - أن هناك بدائل شرعية عن تسليم المطلوبين المسلمين ونحوهم يستغنى بها عن تسليمهم منها: التعويض، وإعادة الحقوق، ومحاكمة الشخص المطلوب في محاكم الدولة الإسلامية وغيرها.
التوصيات:
من الأمور التي أشير لأهميتها:
١ - تحتاج بعض بدائل التسليم لمزيد من الدراسة والبحث الشرعي.
٢ - لا تزال الجريمة السياسية بحاجة للمزيد من البحث والتأصيل لها من منظور شرعي.
٣ - ينبغي عدم الخلط بين المصطلحات الفقهية والمصطلحات المعاصرة؛ لأن لكل منها مدلولها الخاص، وإن التعرف أكثر على حقيقة وصورة المصطلح يساعد على بيان الفرق والوصول إلى الحكم.
٤ - استنباط الأحكام الفقهية من السيرة النبوية ينبغي أن لا ينفصل عن الأحداث التي اقترنت بها، وينبغي التأمل والنظر في أسباب الورود والروايات لما لها من أثر في توضيح الحكم.
٥ - ينبغي على الباحث الاتصاف بالحياد والموضوعية، وألا يتأثر بالظروف الخاصة التي يمر بها المسلمون، ولا يتساهل في الحكم أو يتشدد، بل يعول على الدليل الشرعي.
وفي الختام أسأل المولى عز وجل أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما جهلنا، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.