١٤ - عقود المناقصات قد تؤول إلى عقود توريد، أو إلى عقود مقاولة، وليس كل عقد توريد أو مقاولة يتم من خلال المناقصات، بل يمكن أن يُبرم بطريق مباشر بعيداً عن إجراءات المناقصة، ومناقصات التوريد هي: المناقصات التي يتعهد بمقتضاها أحد المتعاقدين تسليم الطرف الآخر أشياء منقولة بثمن معين، ومناقصات المقاولات هي: المناقصات التي يتعهد بمقتضاها أحد المتعاقدين أن يصنع شيئاً، أو أن يؤدي عملاً لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر.
١٥ - إن عقود التوريد تتعدد أقسامها بحسب اعتبارات مختلفة، فهناك عقود توريد موحدة وحرة، وعقود توريد إدارية وخاصة، وعقود توريد عادية وصناعية.
١٦ - الغرر في عقود التوريد يسير، ولا يؤثر في صحة العقد، وعلى فرض وجوده فإنه يُغتفر؛ لأن الحاجة باتت ماسة وعامة فتُنزل منزلة الضرورة.
١٧ - مناقصات التوريد مشروعة، ولا تدخل في بيع الدين بالدين، ولا بيع ما ليس عندك، ويمكن إلحاقها بالصور الفقهية التي بحثها الفقهاء، كبيع الموصوف في الذمة غير المعين لا على وجه السلم، وكبيع الصفة عند المالكية التي يتأجل فيها البدلان، وكالشراء المستمر أو من دائم العمل.
١٨ - إن عقود مناقصات المقاولات تتنوع بحسب اعتبارات عديدة تتعلق بالعمل وطبيعته، فهناك مقاولات إجارة واستصناع، ومقاولات مادية وعقلية، ومقاولات عامة وخاصة.
١٩ - إن العقد في مناقصات التوريد والمقاولات يجب أن يكون لازماً إذا جاء المناقَص فيه موافقاً لوصفه؛ لأن في عدم لزومه تعطيلاً لعجلة الإنتاج، بالإضافة إلى أن هذه المناقصة اليوم دخلت مجالات ذات أهمية كبيرة، وتكاليف باهظة، والتخيير فيها يؤدي إلى ضرر كبير.
٢٠ - السندات سواء كانت سندات خزينة أو شهادات استثمار هي وثائق دين، ودخولها في المناقصات باعتبارها المناقَص فيه، يجعل هذه المناقصات محرمة؛ لإفضائها إلى الربا المحرم.
٢١ - اشتراط ما يُعرف بالشرط الجزائي في عقود المناقصات أمر جائز شرعاً.
٢٢ - إن إعمال نظرية الظروف الطارئة في عقود المناقصات ليس فيه حرج شرعي، لأن في إعمالها رفعاً للضرر عن المتضرر، وإعادة الموازنة بين طرفي العقد.
٢٣ - في حالة تغير قيمة الأوراق النقدية ومن ثم تغير قوتها الشرائية يجب اعتبار قيمة النقود وقت إنشاء العقد؛ لأنه أقرب إلى تحقيق العدالة، وإعادة التوازن في المعاوضة التي قام عليها العقد.
٢٤ - تنتهي الالتزامات في عقود المناقصات كباقي العقود، إما بالوفاء بها أو بالفسخ أو بالإقالة.
توصيات واقتراحات:
٢٥ - العمل على تحقيق مبدأ المساواة بين المناقِصين، بالإعلان عن المناقصة وشروطها على نطاق واسع، وفي صحف واسعة الانتشار، وإعطائهم فرصة كافية لتقديم العطاءات، ومنحهم نفس القدر من المعلومات، وعدم التحيز لأحدهم بإجراء تعديلات في الشروط لمصلحته، أو بالسماح له بالتسجيل بأكثر من اسم، وأن تُتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان سرية العطاءات، وعدم تسريبها.
٢٦ - عدم إرساء المناقصة على صاحب العطاء الأقل إلا إذا كانت سائر الشروط والمواصفات المقدمة من جميع المناقِصين متساوية، حتى لا يُفسح المجال للتلاعب والاحتيال.
٢٧ - عدم العدول عن التعاقد في المناقِص صاحب العطاء الأقل إلا بإبداء سبب العدول.
٢٨ - إيجاد رقابة فعالة؛ لمنع أي تجاوز أو محاباة أو رشوة أو تسريب للمعلومات المتعلقة بالمناقصة والعطاءات المقدمة.
٢٩ - إيجاد مراقبة فنية مستمرة، عدا عن إشراف اللجان المختصة من مهندسين أو غيرهم.
٣٠ - إشراك المهندسين المشرفين على مقاولات البناء والتشييد مع المقاولين في ضمان تلك الأبنية والمنشآت، من أجل تضييق الخناق على حالات الغش والخداع.
٣١ - إقرار عقوبة رادعة على من ثبت عليه الغش والاحتيال والتواطؤ، حتى لا تتعرض أرواح الناس للخطر، وحتى لا يتعرض المال العام للسلب والعبث.
وفي نهاية الخاتمة لا أملك إلا أن أقول أنني اجتهدت في إخراج هذا البحث، الذي يتناول موضوعاً من أهم الموضوعات المعاصرة، وبذلت وسعي في بحث مسائله، والعمل على تأصيلها، بحسب قدرتي وإمكاناتي المتواضعة، ولا أدعي له الكمال، فما هو إلا جهد بشري، وصاحبه أحوج الناس إلى التوجيه والإرشاد إلى الحق، والدلالة إلى الصواب، فإن كنت قد أصبت فبفضل من الله وحده، له الحمد وله الشكر، وإن كنت قد أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، أعاذنا الله تعالى منه.
أسأل الله تعالى أن ينفع المسلمين بهذا البحث، وأن يتقبله عملاً صالحاً، تثقل به موازيني يوم الدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على إمام البشرية نبينا محمد وعلى آله وصحبه.