١ - في التمهيد الذي اعتبرته بمثابة المدخل إلى دراسة موضوع الرسالة الأساسي عرضت في مباحثه الأربعة لمحة عن وضع المرأة ومكانتها في النظم الاجتماعية المختلفة وفي النظام الإسلامي، فبينت من خلال المبحث الأول منها أن دور المرأة وعملها في المجتمعات القديمة قد تباين تبعا لتباين القوانين التي كانت تحكم تلك المجتمعات، والتي تقوم على التفرقة والتمييز وعدم المساواة بين أفراد المجتمع، ونتيجة لذلك كانت النظرة السائدة إلى المرأة في أغلب تلك المجتمعات نظرة احتقار وذل ومهانة، كما كانت منزلتها دون منزلة الرجل، وهذا ما جعلهم في أكثر الأحيان يقررون حبسها في البيت وإلزامها بخدمة الزوج وإنجاب الأطفال وتدبير شؤون المنزل، ويقصرون عملها على ذلك. في حين أن بعض المجتمعات قد بالغت في احترامها إلى حد التعظيم، فولتها منصب الملكة، والكاهنة، والقاضية و ... .
وفي المبحث الثاني بينت أن المرأة في ظل الديانتين اليهودية والمسيحية وكما تظهر كتبهم المقدسة لم تكن أسعد حظا ولا أحسن حالا من أترابها في المجتمعات القديمة؛ وما ذلك إلا لأن هذه الكتب قد حرفتها أيدي أحبار اليهود والنصارى الذين تولوا حفظها.
وفي المبحث الثالث تحدثت عن مكانة المرأة في المجتمعات الغربية المعاصرة وأوضحت أن المرأة في تلك المجتمعات لم تحتل مكانة أحسن من تلك التي احتلتها في المجتمعات الوثنية القديمة، فقد انتقصت حضارة الشرك القديمة من قيمة المرأة من الناحيتين النظرية والعملية معا، بينما انتقصتها الحضارة الغربية من الناحية العملية، فقد ساوت هذه الحضارة بين الرجل والمرأة مساواة كاملة من ناحية القانون، ولكن هذه المساواة النظرية لم ترتق إلى درجة المساواة العلمية الحقيقة. ثم بينت أن الحضارة الغربية من خلال سعيها للمساواة بين الرجل والمرأة قد أوقعت المرأة في حالة دائمة من عدم المساواة وعللت ذلك بأن المجتمعات الغربية المعاصرة التي تحكمها القوانين الوضعية التي لا تقيم للأخلاق الفاضلة وزنا قد أعطت المرأة حرية واسعة في عمل ما تشاء وشجعتها على أن تحتل مكان الرجال، وتختلط بهم دون شرط أو قيد، فكانت النتيجة أن كثر الفجور وانتشر الزنا، والأبناء غير الشرعيين وعمت الأمراض الخطيرة كالإيدز الذي لم يكتشف له الدواء الناجح إلى الآن. على الرغم من وصول تلك المجتمعات إلى القمة في العلم والمعرفة.
وفي المبحث الرابع تكلمت عن مكانة المرأة في النظام الإسلامي، وأوضحت من خلال ذلك أن الإسلام هو النظام الذي أنصف المرأة، وخصها بمكانة سامية حيث قرر لها من الحقوق ما لم يسبقه إليه شرع سماوي سابق أو قانون وضعي ثم بينت أن الإسلام قد ساوى بين الرجل والمرأة في هذه الحقوق التي تتقرر لها بمجرد الصفة الإنسانية.
وعرضت بإيجاز أهم أوجه المساواة بين الرجل والمرأة. فذكرت المساواة في الحقوق المدنية، والحقوق السياسية وحرية إبداء الرأي والنقاش، والمساواة في شؤون الأسرة، وحق الميراث والشهادة، وفي حق العمل.
فكان مما تقدم تمهيدا للوصول إلى صلب موضوع الرسالة الأساسي.
٢ - وفي الباب الأول تناولت بالبحث الضوابط الشرعية لخروج المرأة من البيت لشغل الأعمال في الميادين المختلفة، وأحكامه الفقهية.
وقد مهدت للبحث في حكمه بفصل بينت فيه أنواع العمل في عصرنا الحاضر، وأوضحت أن الأعمال مهما تعددت وتنوعت، فإنه يمكن حصرها في قسمين رئيسيين:
القسم الأول: الأعمال الوظيفية: وتشمل الأعمال السياسية، والإدارية، والقضائية.
القسم الثاني: الأعمال المهنية، وتشمل الأعمال الصناعية، والتجارية، والزراعية، والحرفية في القطاعين العام والخاص.