وعلى الرغم من أن الاحتجاب عن الرجال كان أمراً سائداً منذ وقت قليل قبل أن يطلع علينا الزعماء الوطنيون وعلى رأسهم سعد زغلول صاحب القول المشهور:"أما آن لهذا النقاب أن ينقشع؟ " بعد أن رفع بيده النقاب عن إحداهن في حفل عام وبعد أن أصبح زعيما وطنيا يقول فيطاع .. وبعدها بدأ النقاب في الانقراض .. وهؤلاء الوطنيون الذين تاجروا بالسياسة هم الذين ساقوا النساء إلى الوبال، ودفعوهن إلى الهلاك .. إلا أننا ما زلنا نرى زعماء آخرين يفزعوننا بين الحين والحين، يهاجمون النقاب، ويمنعونه بقوة القانون في دور العلم وفي غيرها .. مع أن جداتهم – إن لم تكن أمهاتهم – كن منتقبات قبل أن تدخل إلينا حضارة الغرب في أزياء النساء.
ولا ندري .. لماذا يثير النقاب هذه البغضاء الكامنة في قلوب الزعماء فلا يطيقون رؤيته .. بل ويلاحقونه بأقوالهم ولو صدق هؤلاء في إسلامهم ما فعلوا ذلك .. وما حاربوا الستر والاحتشام .. وإذن فلماذا هم لا ينكرون دلال العري، وفجور الإنطلاق الذي يسود كافة الأوساط فيمنعونه مثل النقاب .. ولماذا لم يمنعوا تلك المنكرات التي تعرضها تلك الأجهزة في البيوتات طيلة الليل وفي أربعة النهار!! أجل .. فهؤلاء الزعماء وغيرهم من الكتاب والأدباء والمفكرين لابد أن ينطلقوا من قيود الإسلام إلى هوى الغرب وترف الحياة!!.
اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم، ونجعلك اللهم في نحورهم إلى أن يأتي اليوم الذي يرجعون فيه إلى الله فيصعقون فيه، ثم يساقون إلى النار بين ذلك الحشد النسائي المديد .. فبئس الورد المورود، وبئس الرفد المرفود .. ويومئذ يؤتى بهؤلاء المؤمنات اللاتي كن يحتجبن عن الرجال .. وهن قليل وسط هذه الأمواج، ويغضضن من أبصارهن، ويتقين الله في كل أمر، ويحسن التبعل "العشرة الزوجية" مع أزواجهن، فيدخلن الجنة مع ذلك الركب الطاهر من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء السلف الصالح ممن قدر الله لهن الجنة .. فيا نعم الجزاء، ويا نعم القرار [وهكذا فإن الأمر لا يتوقف على احتجاب المرأة عن الرجال فحسب، بل لابد من أن تكون المرأة المؤمنة – تحت نقابها – مثلاً يحتذى به بين بني جنسها في معاملتها معهم، واختلاطها بهم، ورفقها عليهم، وردها إليهم. وأن تكون في مظهرها العام، علامة على طهر الإسلام، ورمز صفائه ونقاوته، فهي تفضل كي ملابسها، ولا تفرط في تناسق ألوانها، وتلتزم شروط الحجاب ولا تخرج عليها، فإن ذلك يسكت ألسنة السوء عنها, ولا يجعل النفوس تشمئز منها، وهذا من أشد ما يغري المسلمات من بني جنسها بالفرار لدينهن، والانفلات من أحوالهن، ووبال غفلتهن ... ].