وصلى إليه النبي صلى الله عليه وسلم مراراً. تلا في بعضها الآية وهو فيه. فلما أجمع الصحابة رضي الله عنهم على تأخيره، وانتقال الحكم – وهو الصلاة إليه – معه. ثبت قطعاً أن الحكم يتعلق به، لا بالموضع، إلا أنه يراعى ما راعوه من بقائه على السمت الخاص في المسجد، قريباً من الكعبة القرب الذي لا يؤدي إلى ضيق ما أمامه على الطائفين. إنما نقطع بأن تأخير الصحابة للمقام كان عملا بكتاب الله تعالى الآمر بالتهيئة للطائفين أولاً، وللعاكفين والمصلين بعدهم، واتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حق الاتباع بالنظر إلى المقصود الشرعي الحقيقي. وإنه لا يخدش في ذلك: أن فيه مخالفة صورية.
فكذلك إذا تحقق الآن مثل ذاك المقتضى فالعمل بمثل عمل الصحابة، مع رعاية ما راعوه – هو عمل بكتاب الله عز وجل، واتباع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وإجماع المسلمين الإجماع المتيقن ولا يخدش في ذلك أن فيه مخالفة صورية. وكما يقول أهل العلم: إن الحكم يدور مع علته.
وبعد، ففي علماء المسلمين – بحمد الله عز وجل – من هم أعلم مني وأعرف. ولا أكاد أكون – بالنسبة إليهم – طالب علم. ولاسيما سماحة المفتي الأكبر إمام العصر في العلم والتحقيق والمعرفة، الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ. مد الله تعالى في حياته. وهو المرجع الأخير في هذا الأمر وأمثاله. وإنما كتبت ما كتبت ليعرض على سماحته. فما رآه فهو الأولى بالحق، والحقيق بالقبول. وكما قلت في أول هذه الرسالة "ما كان فيها من صواب فمن الله عليَّ وعلى الناس. وما كان فيها من خطأ فمني. واسأل الله التوفيق والمغفرة". والحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على خاتم المرسلين وإمام المهتدين محمد وعلى آله أجمعين.