وتشترط فيه سلامة الأعضاء التي يؤثر فقدها في الرأي والعمل، ويعتبر نقصا يؤدي إلى العجز عن القيام بما يلزمه من حقوق، كاليدين والرجلين، وكذلك قطع الأذن أو الأنف ونحو ذلك مما يشين المنظر فيذهب بهيبته، هذا في ابتداء عقد الإمامة، أما لو انعقدت له وهو سليم ثم طرأ عليه شيء من ذلك فيمكن أن تشكل اللجنة الخاصة تنظر في أمره مع مراعاة التطور في الطب المعاصر، فإن رأت أنه يمكنه القيام بمهامه مع هذا الطارئ لاستخدام وسائل الطب المتطورة، ورأت عدم ضرورة عزله لم يعزل، وإن رأت عزله للنقص في مهامه عزل.
ويشترط أن يكون قرشي النسب إن تيسر ذلك مع توفر الشروط الأخرى فيه. وأن يكون حرا، ذكرا، مكلفا، أي عاقلا بالغا، مسلما، مجتهدا ذا ثقافة عالية في علوم الدين والدنيا، وذا خبرة سياسية، إن أمكن، وإلا فأمثل الموجودين يقدم، وان يكون عدلا مرضيا عند قومه، ورعا أمينا، كما يشترط فيه الكفاية بأن يكون ذا الرأي والبصيرة والشجاعة والنجدة، وينبغي أن يكون أفضلهم.
٥ - لا يجوز أن تسند إلى المرأة الولاية العامة، فلا يجوز أن تتولى الإمامة العظمى والخلافة، أو الرياسة، وعلى ذلك أجمع الأئمة والفقهاء والعلماء من السلف والخلف، لم يجز أحد للمرأة أن تتولى هذا المنصب، ولم يحصل تولي أية امرأة الولاية العامة في عصر النبوة والخلافة الراشدة، والعصور الأولى لهذه الأمة، وذلك للأدلة الصحيحة الظاهرة على منع تولي المرأة شيئا من الولاية العامة، ولا سيما منصب الإمامة العظمى، كقوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة).
والحديث صحيح من حيث الثبوت، صريح من حيث الدلالة، ويكفي في صحته وروده في صحيح الإمام البخاري، وقد أجمعت الأمة على صحة ما جاء فيه مرفوعا متصلا، كما شرط الإمام البخاري أنه لا يروي فيه إلا صحيحا، فلا شك في صحة هذا الحديث، وهو مروي أيضا في كتب الحديث الأخرى. فالاعتراض عليه بالوضع أو الضعف من دسائس المستشرقين في التشكيك في السنة النبوية المصدر الثاني للشريعة الإسلامية والنيل من شرفها، وإبعاد المسلمين عن دينهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
والحديث صريح واضح في دلالته على منع تولي المرأة منصب الولاية العامة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بعدم فلاح قوم الذين يولون أمرهم امرأة، وعدم الفلاح ضرر، بل أعظم الضرر، يجب على الأمة اجتناب هذا الضرر، وذلك باجتناب ولاية المرأة، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثم الحديث عام في كل قوم وكل امرأة في أي زمن وفي أي مكان، والقول بأنه خاص بقوم فارس الذين ملكوا بنت كسرى - هذا قول ضعيف لا حجة فيه لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وينطبق هذا الحكم على رياسة الوزراء، فلا يجوز أن تتولاها المرأة، لأن مهام رئيس الوزراء كمهام رئيس الجمهورية.
ولم يخالف في هذه المسألة أحد من العلماء السابقين، وإنما خالف فيها بعض المعاصرين فأجازوا أن تكون المرأة رئيسة الجمهورية أو رئيسة الوزراء، ومستندهم في ذلك: أن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة، وهذه المساواة تقتضي أن يكون للمرأة حق الولاية العامة وغيرها مثل الرجل.
ولكن مستندهم غير صحيح لأن المساواة بين الجنسين في الإنسانية، وفي الثواب والعقاب لا تقتضي أن تعمل المرأة نفس الأعمال التي يعملها الرجل، لأن كلا منهما يختلف عن الآخر في خلقته ووضعه ونفسيته، فلذا شرع للرجل من الأعمال ما ليس بمشروع للمرأة كإمامة الصلاة للرجال، وخطبة الجمعة ونحو ذلك.