ووصولاً إلى الرمز الثقافي الخامس: فقد مثلت البيئات الإعلانية أهم الرموز الجغرافية الغربية في الإعلانات التجارية، فتفوق الانتماء البيئي الأجنبي في الإعلانات التلفازية، وظهر بنسب جيدة في الإعلانات الصحفية، وتأخرت البيئة المحلية إلى الترتيب الثالث بعد البيئتين الأجنبية والعربية، وقد عبرت السمات البيئية الغربية عن أحد أشكال عرض الواقع الغربي في الوسائل الإعلانية بما يشمله من شخصيات، وملابس، وموسيقى، وسلع غربية تعرض في رسائل دولية أصلية أو معدلة، ويعتقد الباحث أن البيئات الإعلانية المذكورة قد جسدت بالفعل أحد أهم العناصر المهمة لعكس المعالم التغريبية، سواء الرمزي منها أو الحضاري أو الإنساني، أو ما يقدم في سياقها من قيم، وعادات، وتقاليد محسوبة على المجتمعات الغربية.
ويختم الباحث رؤيته حول استخدام الرموز الإعلانية بالتأكيد على وضوح الترميز الثقافي في محتوى إعلانات العينة، من خلال العناصر الخمس السابقة وغيرها التي شكلت – مع تفاوت حضورها – ارتباطاً ملحوظاً ببعض معطيات الثقافة الغربية، وخصائصها المادية أو المعنوية.
٢ - النماذج الشخصية: برهنت دراسة الشخصيات الإعلانية عن العلاقة الوثيقة بين المعالم التغريبية في المحتوى الإعلاني، والاستعانة بالشخصيات الغربية الظاهرة في الترتيب الثاني تلفازياً بعد الشخصيات العربية، والأولى في عينة الصحف والمجلات.
ويرى الباحث أن الارتباط الإعلاني بالشخصية غير المحلية يؤكد على قصدية التعبير الثقافي المعتمد على وهج حضورها في الرسالة, من خلال بسط جاذبيات أذواقها، ومظاهرها، وعلاقاتها، وقد انعكس الاعتماد على الشخصية الغربية في عدة نقاط تخص ظهور المرأة تحديداً، ومنها:
تعزيز استخدام المرأة مفردة أو مختلطة حيث تفوقت حالات ظهورها منفردة في إعلانات التلفاز على الرجل، كما أن إعلاناتها المختلطة جاءت في الترتيب الثالث، وعلاقتها ببعض الأدوار والسمات الإغرائية المرتبطة بظهورها في الوسائل الدولية بالذات، كمواقف العلاقة المباشرة بين الجنسين، أو المشتملة على مشاعر عاطفية بينهما، أو ما قد تبديه المرأة من حركات التمايل والتراقص والظهور غير اللائق، إضافة إلى ارتباط ظهور الشخصية النائية الغربية بكيفيات التكشف المتجاوزة حدد الوجه إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وفي هذا المقام لا يفرق الباحث كثيراً بين استخدام الشخصيات الغربية والعربية؛ حيث إن نقاط التلاقي بينهما متعددة الجوانب بما لايجعل هناك فارقاً (ثقافيا) دالاً بين بعض خصائص الانتماءين وسولكياتهما في استخدامات الرسائل الإعلانية، وأوضح مثال على ذلك اقتفاء الشخصيات العربية الأخرى الغربية في الرتداء ملابس الأخيرة للرجال والأطفال وبعض الملابس النوعية للمرأة، واتفاقها معها ببعض كيفيات الظهور النسائي السافر.
والخلاصة التي يخرج الباحث بها من استخدام الشخصيات الغربية أو العربية في إعلانات العينة، هي ضعف الاعتماد على الشخصية المحلية؛ وبالتالي محدودية السمات والملامح المرتبطة بها، والتي تجعل لوجودها انعاكساً مظهرياً وذوقياً في المحتوى الإعلاني، وهو ما يلي يلحظه الباحث في الإعلانات التلفازية على وجه التحديد.