١ - المخاطر الفكرية: يخشى الباحث أن يقود اتجاه الإعلانات التجارية إلى إبراز النماذج الشخصية الغربية ومن في حكمها من شخصيات عربية مقتفية آثارها، وهيئاتها المختلفة ... إلى التشبه بها، ومحاكاتها في نمط زيها الظاهر وأذواقها الخاصة بما يعبر عن حالة من الانبهار بالغربيين، ومكتسباتهم وإفرازات ثقافتهم، والنظر إلى هذه الشخصيات الإعلانية على أنها النموذج والمثال باعتبارها تمثل واقع الحياة الغربية، وما يسود فيها من اتجاهات شكلية يتلقفها بعض أبناء المسلمين بشيء من الترحاب والقبول. ولهذا الناتج الإعلاني انعكاس سلوكي على المتلقي الآخر بحيث يمكن أن تتحول الرسالة الإعلانية إلى أداة تعليم وتوجيه وترغيب يتم من خلالها ترتيب أولوليات مظهرية، وذوقية تتبع من عمق الواقع الغربي، ومتطلبات ثقافته، وخصوصيات أفراده.
ويتأتى الخطر الفكري هنا تحديداً من تقليد المسلم لخصوصيات غيره من المظهر والسلوك، كما يتبادر في إعلانات اليوم بحالة الزي الغربي للشخصيات الإعلانية على سبيل المثال، وللتشبه بغير المسلمين أصول في العقيدة الإسلامية تنطلق من قاعدة (تأثر المقلد بالمقلد)، خلاصتها: أن المشاركة في الهدى الظاهر – الشامل للزي – تورث تناسباً (ودياً) بين المتشابهين ... ، سواء ظل في نطاق اللاشعور، أو تطور إلى تشاكل ظاهري كما تعكسه سلوكيات التقليد والمحاكاة.
والأثر الذي قد تحدثه المظاهر الغربية المعروضة في الرسائل الإعلانية قد يكون مرده الإعجاب بنماذجها البشرية، وأساليب حياتها، وقيمها الذوقية، ويتيح تضمن الإعلانات التجارية لبعض المظاهر التغريبية فرصاً مواتية للتأثير على خواص شخصية المسلم المميزة وتفرده في المظهر والجوهر. وبالتالي فإن إبراز الشخصيات الغربية في رسائل إعلانية تصدر من داخل المحيط المسلم أو تصل إليه، وتمرير خصوصياتها في ثناياها ... يمكن أن يجعل من هذه النماذج قوة تحتذى ومثالاً متاحاً للتقليد، وهذا يعني وشوك الوقوع في مخالفة أصل ديني أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – بشيء من التفصيل، ويراه الباحث ماثلاً في عينة من إعلانات اليوم؛ في تطلعها للارتباط بكل ما هو غربي، وتكريس الإيحاء بتفوق رموزه وتميز شخصياته.
٢ - المخاطر الثقافية: وجامعها دَوُر الرسائل الإعلانية في تحقيق التجانس الثقافي بين مجتمعات اليوم على النمط السائد في المجتمع الغربي، ويمكن استخلاص مثل هذا الاستنتاج بمؤشرات شيوع ملامح النماذج الغربية المؤدية، وتقليد غيرها لها في هيئاتها، والتركيز على السلع الأجنبية، وعرضها في رسائل متشابهة السمات، وتقارب قيم أساليب الحياة في جاذبيات الرسائل الإعلانية ... ، وتتسع محددات التجانس لتشمل استخدامات أنماط الموسيقى الأجنبية المصاحبة ولقطات الإطار البيئي الغربي الظاهر ... ، وكلها مظاهر ثقافية يسهم الإعلان التجاري من خلالها في ترسيخ عالمية الثقافة الغربية.، وقد أكدت نتائج الدراسة على مؤشرات سابقة في هذا الجانب بينت أن بين الرسائل الإعلانية المحلية والدولية اتفاق على تضمن بعض المكونات الثقافية؛ مما يعني وجود تجانس ثقافي نوعي في عرض المحتوى الإعلاني في الرسالتين.